في تأريخنا الإسلامي؛ ما يجعلنا أكثر يقظة وأنضج عقولاً ونحن نتناول ما تمر به المنطقة العربية اليوم عموماً، سيما بعد أحداث الــ 11 من فبراير، وحجم المؤامرة العالمية التي يهدف أصحابها من ورائها إلى تمزيق أوطاننا وتفتيتها، ومن السذاجة الفكرية والسياسية تجاهل ذلك، وبناء مستقبلنا على أحلام خيالية، دون تقديم أي جهد يذكر نحو الوصول إلى ما نريده من هدف.
نعم الشعوب العربية خرجت من أجل التغيير إلى الأفضل، ولكن بفعل فاعل، استطاعت تلك القوى ترتيب أو راقها من جديد، وخلق أوراق أخرى تتوافق و المرحلة التي تمر بها الشعوب العربية، مهمة تلك الأوراق عرقلة مسيرة التغيير الذي نطمح له من خلال وسائل متعددة، وهذا ما لمسناه في مصر، ونشاهده في ليبيا، وما إلى ذلك، المهم هنا هو أن تلك القوى التي تصدرت المشهد السياسي كانت قوى إسلامية، هذه القوى لم تكن عند مستوى المسؤولية حقيقة في التعاطي مع الواقع كما هو، لتتجاوزه في رسم خططها إلى ما هو أبعد، حيث انعدم منها معيار التدرج، والواقعية، والموضوعية، وهكذا .. .، بمعنى آخر غياب الوعي السياسي عند التيار الإسلامي، وقلة الخبرة العملية في ميدان العمل السياسي كان عائقاً كبيراً أمامهم وما يطمحون إليه، والأخطر من ذلك هاجس الخلافة الإسلامية الذي توهموا لأسباب أو لأخرى الوصول إليه، ولم يعد بينهم وبينه إلا بعد أمتار، ـ وإن كان حلم الخلافة حلم كل مسلم صادق لا عيب ـ ليس هذا فحسب، بل الاندفاع الكامل للعمل السياسي، والتهور في دخوله من أكثر من باب، كان أيضاً خطأ سياسياً كان من آثاره تخوف القوى المدنية الأخرى، وجنوحهم لترتيب صفوفهم، بل وتكتلهم في إطار واحد لمناهضة الساسي الجديد والعمل على إسقاطه تحت يافطة (الشعب يريد إسقاط النظام)، كما رأينا في مصر، وبعيداً عن كونه بحق أو بباطل، انقلاب أو ثورة، لست في صدد هذا الموضوع فأقيم ذلك، إذ الأهم وجود أخطاء مكنت أولئك من الوصول إلى ما يريدون.
إذاً ونحن أمام واقع كهذا معقد، علينا أن نحدد داخلياً من هو عدونا من غيره ، فإذا حددناه، علينا أن نحدد مشكلتنا الداخلية مع من كانت؟، وضد من قامت الثورات العربية، ؟ ـ سمها ما شئت ـ في الأخير هي أحداث حصلت، بالتالي فإن الخطوة التي ينبغي الالتفاف حولها هي كيف نسعى ووفق شراكة حقيقية بعيداً عن ثقافة الإلغاء، وهذا مع الثورات أو ضدها..! إلى رسم معالم مستقبلنا، وفق معايير إدارية وسياسية، ومن ثم السعي قدماً نحو تنزيلها وفق برامج عملية تتناسب وطبيعة مجتمعاتنا وما تعانيه من مشاكل كأمر مهم، إلى تلبية احتياجات الشعوب وتطلعاتها شيئاً فشيئاً، وهذا لا يعني أن الأجواء مهيأة، فأصحاب المشاريع الصغيرة، والنفوس المريضة بلا شك سيظلون في خبثهم سائرون، لكن علينا أن نفوت الفرصة عليهم، بلملمة صفوفنا كقوى سياسية وطنية، والتنازل عن مصالحنا الشخصية، فإن اجتماع الصف، والتعاون ولو في قضايا مشتركة مصيرية لن يتأتى وكل منا يدق ناقوس الحرب على الآخر، ـ أقصد هنا حرب الكلمة، ـ وما تتضمنه من معاني الهيمنة، وإلقاء التهم، و....إلخ.
نحن في اليمن وبهذا أختم : خرجنا من الأحداث السابقة بتوافق سياسي، وأكرر، وبين قو سين (توافق سياسي)، وعليه فإن أي خطوة نرجو أن يكتب لها النجاح، لا يمكن أن تكون وثقافة الغالب والمغلوب مسيطرة على عقولنا!، ولغة "أنا وإلا الخراب والدمار والهلاك" في أذهان البعض حاضرة.!
اليمن في مفترق طريق خطير، المطلوب معه مد جسور التنسيق والتواصل بيننا كقوى وفئات مجتمعية بعيداً عن شيء اسمه إسلامي وغير إسلامي، فالجميع أبناء شعب واحد، ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ومن شذ فشذوه على نفسه.
أدرك أن حديث الساعة هو الحوار الوطني، وأن الدور الذي ينبغي هو الدفع به إلى الأمام لإنجاحه، إذ ليس من خيار سواه، وعندما نقول هذا لا شك أن مخرجاته لا يلزم منها أن تكون إيجابية 100 %، ولكن على أقل تقدير تضعنا أمام الصورة الأقرب التي بإمكاننا كيمنيين الانطلاق من خلالها لرسم مستقبلنا، وبأيدينا، وتجاوز حدث كمؤتمر الحوار ودون اعتباره في تصوري ليس من الوعي السياسي في شيء، كنا مشاركين فيه أو لم نكن..
محمد أمين عز الدين
عين على الأحداث 1415