موقف أبكاني اليوم مع طفلين من أطفال محافظة الحديدة منطقة زبيد وهما يجمعان مخلفات البلاستيك وعليهم أثر الإعياء والتعب وقد قدموا من الحديدة إلى محافظة الضالع ليس إلا من أجل لقمة العيش لأسرهم.
الطفلان طارق حسين(15)عاماً وأسامة محمد(13)عاماً, سألتهم: هل تدرسون؟.. أجابوني بصراحة لا, فمن يشقى على أخواتنا وأسرنا إن ذهبنا إلى المدارس والله الفقر يا طيب هو الذي أخرجنا لنتعب من أجل سد جوع أسرنا و تدري أنا أحصل باليوم ألف ريال وخلال فترة أجمع بعض المال وأرسله للأسرة.. الله أعلم بحالهم اليوم, أحدهم قال عنده 6خوات وهو الذي يعيلهن وآخر والده وستة أخوه وهو الأكبر..
هكذا قالوا وتحدثوا لي في حوار صريح معهم إنه البؤس والحرمان فعلاً وحالة الفقر المدقع الذي تعيشه مئات الأسر, بل الآلاف.. سألتهم: هل عندكم أرض؟.. أجابوا: نعم لكن الفقر جعلنا نبيعها ولم يعد لدينا شيء.
هكذا حال الآلاف من الأطفال في اليمن والأسر يعانون الفقر والكدح والجوع دونما أحد يشعر لحالهم أو يلتفت إليهم أو يدرس مشاكلهم ليضع الحلول لها ويبحث عن مصدر لأسرهم, فبهذا الحال التعليم سوف يقتصر على الأغنياء والمترفين فقط, أما هؤلاء فسيبقون يعيشون عذاباً يومياً وتعباً وشقاء لا حد له ولن يتوقف..
مثل هؤلاء يبحثون عن ما يسد أمعائهم الخاوية فكيف إن حصل لهم عناء وألم آخر مرض أو غيره أكيد سيلجأون إلى خيارات أخرى, قد يتوحشون بسبب المعاناة وغياب الرحمة أو يتسولون.. لكن للأسف من يعيشون حياة البذخ والترف لا يعلمون أن هناك من يتذوقون مرارة الجوع والمعاناة والتعب اليومي ولم يدركوا أنهم سوف يسألون عن النعيم الذي هم فيه وعن المال أين أنفقوه.
لا أنكر أنني سكنني الحزن وغرقت بالدموع لهذا المشهد المحزن وذابت سعادتي بعد شرح محزن وطويل للحال منهم, فلم أجد ما أمنحهم سوى بعض النقود التي كانت بحوزتي التي فرحوا كثيراً.
هذا المشهد تراه يتكرر بشكل يومي وكل له معاناة, حتى إن بعضهم يعملون بما يأكلون وآخرين يسومونهم سوء العذاب من يعملون معهم دونما رحمة, لكن إلى أين يذهبون؟.. كثير الحديث عن حال الأطفال في اليمن الذين أضحوا في عذاب وعناء دائم ولم يمنحوا يوماً ولو بعضاً من السعادة لغياب وفقدان الرحمة من الكثيرين الذين من الله عليهم بالرزق.
آآآآه لك الحمد يا رب على ما نحن فيه من حال واجعل مشاعرنا تتحرك للنظر إلى حال هؤلاء المقهورين والبسطاء في زمن أضحى التزلف والكذب باسمهم كثيراً دونما يحصلون على أدنى المقومات التي تعينهم على الحياة الكريمة, بل وأبتهل إليك يا رب أن تدخل الرحمة والشفقة إلى قلوب الناس لإسعاد هؤلاء الفقراء المعذبين ولينظر الحكام والساسة والمهتمين والحقوقيين إلى أين وصل حال أطفالنا.
لكم محبتي أيها الفقراء والمتعبون أنتم وأطفالكم وقبلة أمنحها لكم فقد عشت في شق الإنسانية في يوم حزين بامتياز مع أطفال يعملون من أجل عيش أسرهم.
صالح المنصوب
شق الإنسانية مع الطفولة 1477