يقول الشهيد عبدالفتاح إسماعيل (ستظل الكلمة ركيكة المعنى مجزأة الحرف إن لم تكن من أجل الشعب).
ونحن نقول: ستظل الكلمة ركيكة المعنى مجزأة الحرف إن لم تكن من أجل المطالبة والعمل لتحقيق المساواة كحق كفله الدستور للمرأة.. فمما لا شك فيه أن وضع المرأة اليمنية وضع مزرٍ للغاية ولا مجال للجدل حول ذلك.. فالمرأة ماتزال في مجتمعنا والمجتمعات العربية والإسلامية سجينة النظرة الدونية الذكورية.. المرأة هي الأم والأخت والأبنة والزوجة.. هي نصف المجتمع, بل ويجزم البعض بأن المرأة هي المجتمع كله.
كل ذلك يتردد في الخطابات والندوات والمحاضرات وبعض الكتب ولكن على أرض الواقع المرأة مازالت هي تلك الخشبة التي يحملها الرجل على ظهره على الرغم من ولوج المرأة في كافة المجالات الإبداعية والعلمية والفكرية, إلا أن مجتمعنا الذكوري مازال ينظر للمرأة كمنتج له.
النظرة الدونية للمرأة في مجتمعنا مستمرة.. وتستمر المرأة حبيسة أغلال مجتمعها الذكوري وربما كان للمرأة مساهمة في جعل نفسها حبيسة تلك النظرة الدونية عندما طالبت ومازالت تطالب بنظام أو قانون الكوتا النسائية, مقزمة ومنتقصة من حقوقها الكاملة التي كفلها لها الدستور اليمني.
إن كان هناك قصور كبير في تطبيق الدستور فإن على المرأة أن تناضل من أجل انتزاع حقها الدستوري دون انتقاص, فدستور الجمهورية اليمنية نص على مبدأ المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة, واعتبر الدستور المرأة مثل الرجل أمام القانون، ولم يتطرق الدستور بشكل خاص لحقوق المرأة، وجاءت نصوصه عامة في المساواة في الحقوق والواجبات مثلها مثل الرجل.. فاليمنيون أمام القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم.. حيث ينص الدستور بأن الدولة تكفل الحرية والأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع اليمنيين.. فالدستور أكد على مسألة تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين في مختلف مجالات الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتكفل الدولة لكل مواطن دون تمييز بين الرجال والنساء حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كل ما تحتاجه المرأة هو أن تناضل لرفع القيود عنها وفتح مجال المنافسة لها في الحياة السياسية والعامة وإزالة الحواجز والمعوقات الذكورية والقبلية الرجعية من أمامها.. لا نريد نظام الكوتا الذي يجعل من المرأة مجرد ديكور لا أقل ولا أكثر مكملاً للعدد.. فالمرأة يجب أن تنافس في الوظائف السياسية والعامة بكفاءتها وليس بنوعها لان الكوتا بحد ذاته انتقاص من حقوق المرأة.. يجب أن ينصب العمل والاهتمام على ضمان حصول المرأة على معاملة متساوية وغير تمييزية وهو حق كفله الدستور.
لقد تم تخصيص حصص إجبارية للعمل في معظم المجالات المتاحة لذوي الاحتياجات الخاصة.. والمرأة ليست معاقة ليتم تخصيص لها حصص.. فالمرأة اليمنية ساهمت وتساهم في كافة الأعمال والأنشطة مثلها مثل الرجل, وبالتالي فالمرأة ليست بحاجة لتخصيص نظام أو قانون ينتقص من حقوقها طالما والدستور اليمني قد كفلها كاملة غير منقوصة بالتساوي مع الرجل.
إن الكوتا يخل بمبدأ المساواة.. فكلمة كوتا تعني "نصيب" أو "حصة" وأطلق لأول مره في الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس كنيدي عام 1961م استجابة لحركة الحقوق المدنية المتصلة بالأقلية السوداء وذلك لتعويض الجماعات المحرومة الذين ينتمون إلى أقليات أثنية إما من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل الخاص.. ثم انتشر في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بانها محرومة من الحقوق.. وبالتالي فان نظام الكوتا نشأ في الغرب وفي أمريكا ليعالج مشكلة اجتماعية هناك خاصة بالفئات المهضومة أو المضطهدة أو المهمشة وفق النظام الغربي العنصري.
إذاً نظام الكوتا في الأصل نظام غربي فرضته الحركات المدنية الأقلية الأثنية التي تعاني من الإقصاء والتهميش، والمرأة اليمنية ليست أقلية عرقية أو أثنية، النساء يشكلن 50% من المجتمع بل إن الإحصائيات تشير إلى أكثر من ذلك.
وبالتالي فإن نظام الكوتا غير عملي وغير واقعي ولا قانوني، فضمان حقوق المرأة لا يتأتى بقوة القانون وإنما بالتوعية السياسية وفتح مساحات أوسع من الحريات وإلغاء الإرهاب السياسي والفكري والاقتصادي بحيث يصبح تكافؤ الفرص على أساس مبدأ المساواة أمام القانون وفق معايير الكفاءة.
والسؤال الهام هنا: لماذا كل هذا الضجيج الإعلامي حول نظام الكوتا؟.. على المرأة اليمنية أن ترفضه بقوة, فالمطلوب هو مشاركة النساء بكفاءتهن لا بنوعهن.. مشاركة المرأة على أساس الكفاءة وليس على أساس التخصيص والاختيار.
إنه لأمر موجع للمرأة أن تنظر لنفسها منقوصة الحقوق تطالب بتخصيص مقاعد لها في البرلمان والوظائف العامة الرفيعة.. ونحن لا نحبذ إطلاقاً أن ينظر إلى المرأة كجزء من المجتمع منقوص الحقوق في حين الواجبات مفروضة على الجميع بالتساوي.
على المرأة أن تناضل وبكل قوة لتطبيق القانون الذي يكفل المساواة لجميع المواطنين دون تمييز في النوع أو الجنس.. وقد أثبتت المرأة أنها ليست أقل كفاءة من الرجل, بل في كثير من المجالات أثبتت المرأة أنها اكثر كفاءة ونزاهة من الرجل في عملها.. على المرأة اليمنية أن ترفض الطريق التي ترسمها لها القوى الرجعية الظلامية من خلال حصر طموحها في عدد من الدرجات الوظيفية والتي تحول بينها وبين حصولها على حقها الكامل وعليها أن تناضل من اجل المساواة وتمتعها بكامل حقوقها بما يشبع إنسانيتها والإنسانية جمعاء.. وعلى الرجل أن يعلم بأن الارتقاء بإنسانية المرأة هو ارتقاء بإنسانيته ومعيار لارتقاء الرجل لكي يكون رجلاً وليس ذكراً وبعلاً فحسب.. على المرأة أن تناضل من اجل حقوقها وحقوق الإنسان عامة.. من أجل العدالة الاجتماعية والحرية.
منال القدسي
المرأة في اليمن.. الكوتا أم المساواة؟ 1548