;
د. عبد السلام الصلوي
د. عبد السلام الصلوي

الأسلحة الكيميائية ومخاطر استخدامها 1276

2013-12-04 14:26:16


إن السلاح المستعمل في كل عصر يترافق مع التطور العلمي العام في شتى المجالات المدنية والحضارية وما من اكتشاف علمي، إن في الميدان الكيميائي أو الفيزيائي أو الصناعي أو حتى الفلك والطبي والنفساني, إلا وكان له أثر واضح وفعال في تطوير الأسلحة الحربية..

فإن لم يستعمل الإنسان القديم في غزواته وحروبه أسلحة كيميائية بالمعنى المتعارف عليه اليوم فلأنه كان يجهلها جهلاً تاماً وليس لأنه كان أرحم من الإنسان الحالي الذي طور وسائل التعذيب والإبادة الجماعية تطويراً يتنافى مع كل خلق سليم وكل مبدأ ديني أو مدني أياً كان.

إن الاستعمال المحدود جداً للأسلحة الكيميائية خلال الحرب العالمية الثانية كان مؤثراً مشجعاً على تحسس قادة الدول بمخاطر هذا الاستعمال.. إنما ما ليس مشجعاً على الإطلاق هو غياب أي رادع لإمكانية معاودة الإنتاج والاستعمال في المستقبل لأن الدلائل مع الأسف الشديد تشير إلى قيام معظم الدول القادرة على صناعة الغازات السامة وتستعين الحكومة الأميركية بمراكز أبحاث تابعة لعدد كبير من الجامعات موزعة حول العالم التي تقدم نتائج خبراتها للدول الحليفة إما علناً أو تسريباً سرياً كما تفعل مع إسرائيل على سبيل المثال.. كما تمتلك الحكومة الأميركية ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مراكز أبحاث خاصة البعض منها سري ويتم صرف مبالغ طائلة تتجاوز مئات الملايين من الدولارات وقد زودت الولايات المتحدة الأميركية دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببعض صواريخها الحاملة لهذه الغازات السامة والمواد الجرثومية في 1963م و 1967م في القرن الماضي، كما تبادلت المعلومات السرية حولها مع حكوماتها.

إن الولايات المتحدة الأميركية على رأس الدول التي تملك كميات هائلة من الغازات السامة تقدر بعشرات الآلاف من الأطنان والتي تقوم بإنتاجها المراكز العلمية للأبحاث.. وتأني روسيا في المرتبة الثانية من حيث المخزون الكبير للأسلحة الكيميائية ومن الدول الغربية التي تقوم بإنتاج هذا النوع من السلاح ألمانيا، وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل، وبعض دول حلف شمال الأطلسي.

أنواع الغازات السامة:
يمكن حصر الغازات السامة المستعملة في القذائف الكيميائية في أنواع هي الآتية:
1-الغازات المهيجة: تشمل الغازات المهيجة تلك التي تسيل الدموع وتثير العطس أكثر استعمالاتها في القنابل اليدوية والقنابل الخفية كتلك التي تستخدمها إسرائيل بكثرة ضد الفلسطينيين وتستخدمها بعض الدول العربية التي تعاني من اضطرابات سياسية ضد المتظاهرين وحركات التمرد والاحتجاجات.. وأكثر الدول استخداماً لها ذات الأنظمة الاستبدادية والقمعية.

2- الغازات المنفطة: إن الغازات المنفطة هي تلك التي تتضمن المركبات النفطية، تسبب حروقاً في الجلد وفقاعات مائية.. قد تتطور بؤر سرطانية، يدخل في هذه الفصيلة غاز الخردل المعروف بغاز القتال أو المطر الأصفر (اسمه الرمز س vx ) وهو يخترق الملابس والأدوات المطاطية وجلد الإنسان والحيوان.
3- الغازات الخانقة: الغازات الخانقة تدخل مع الهواء إلى الرئتين الذي يتعرض لها فتتلف أنسجتها وتسبب الموت البطيء بالاختناق.

4- غازات الأعصاب: وتشمل أصنافاً عدة أكثرها استعمالاً هو غاز التابوت تنفذ من خلال التنفس إلى الرئتين ومن خلال مسام الجلد أيضاً وبالتالي فإن كمامات الفم ليست وسيلة كافة لدرء خطر التسمم بها, إذ أنها تخترق جسم الإنسان من كل جوانبه والإصابة بغاز التابوت يؤدي إلى العمى وضيق التنفس والشلل وغالباً ما تعقب ذلك الوفاة، نظراً لانتهاء اللون والرائحة لهذا الغاز, فمن الصعب اكتشافه في الجو تلقائياً، وذلك ما يجعله من أخطر السموم خطورة إذ لا يعرف وجوده إلا بعد الإصابة به.

5- غازات شلل القدرة: غازات شلل القدرة كما اسمها يدل عليها لا تؤدي إلى قتل المصاب لها بل تسبب شللاً مؤقتاً للوعي لفترة محدودة فيسهل إلقاء القبض عليه وأسره، أكثر مجالاً لاستعمال هذه الغازات في ساحات القتال.

6- غازات الدم: تسبب غازات الدم تعطيلاً لقابلية الدم على امتصاص الأوكسجين الضروري للحياة, فيفسد تدريجياً ويسبب التسمم العام.
7- قنابل النابالم: إن مادة النابالم التي تحشى بعضها القذائف المدفعية أو الجوية تسبب حروقاً عميقة في جسم الإنسان وغيره من الأجسام التي تطالها, فأجزاؤها تلتصق بالجسم وتبقى مشتعلة حتى تنفذ إلى أعماقه.. وقد استخدمت الولايات المتحدة الأميركية هذا النوع من القذائف في حربها ضد الفيتناميين وأثناء غزوها للعراق، وفي أفغانستان, كما استخدمتها في اعتداءاتها المتكررة على الدول العربية، وخير دليل على ذلك غاراتها الكثيفة على لبنان وقطاع غزة.

حصل ذلك رغم الحظر المفروض على قنابل النابالم في المعاهدات الدولية التي وقعت عليها كل من أميركا وإسرائيل، وماشي عجب فإذا الولايات المتحدة الأميركية الدولة العاتية المدعية قيادة العالم الحر التي ما تورعت ولأول مرة في التاريخ عن إفناء مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين نوويتين سنة 1945م في القرن الماضي، بالإضافة لاستخدامها عشرات الألوف من الأطنان من هذه القنابل السامة والحارقة التي ألقتها في غاراتها الكثيفة على العاصمة اليابانية طوكيو في أواخر الحرب العالمية الثانية، وكذلك العاصمة العراقية بغداد عام 1991م، وعام 2003م أُثناء غزو العراق.

لذا تظهر الحاجة ملحة للإسراع في المعالجة على صعيد الأمم المتحدة قبل فوات الأوان وسن تشريعات ومواثيق جديدة ونظام عقابي ضد جرائم الحروب الكيميائية والبيولوجية والنووية، وإلزام كل دول العالم وخاصة الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن على تحريم استخدام هذه الأسلحة وردع ومعاقبة المعتدي ومن يخرق تلك القوانين والتشريعات، والعلاج الوحيد الذي يبدو ذا فاعلية حاسمة في منع استعمال الأسلحة الكيميائية واستئصال جذور تصنيعها وتخزينها وتدمير المخزون العالمي من هذه الأسلحة لدى الدول الكبرى كي تأمن البشرية من ويلاتها ومآسيها.

نأمل من قادة الدول كافة أن تسير في هذا الاتجاه العقلاني المتزن, فتتطلع إلى مستقبل خالٍ من أسلحة الدمار الشامل, لاسيما السلاح الكيميائي والنووي وتتصرف لبناء مجتمع السلم العالمي والإنماء النقي.. كما يحدوني الأمل في بقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من هذه الأسلحة الفتاكة أسلحة الدمار الشامل.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد