قبل العام 1963م كان المحتل البريطـاني يرفع علم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على شواطـئ مدينة عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن بينما يرفع ذات العلم على بقية المحافظات الأخرى والتي كانت تُعرف في سياسة المحتل بـ"المحميـات" والذي يديرهـا عُمـلاء المحتل من السلاطين ذات الثقافة التقسيمية والعيش في كنتونات يسهّل على المحتل إدارتهـا عن بُعـد وتحريك رموزهـا الريموتية البشرية وقت الطلب وحسب المهمـات الموكلة لكل حاكم من حُكام السلطنـات إلا أن المحتل البريـطاني لم يُفلح في تعميق ثقافته السياسية المسمومة للجماهير الوطنية "فـرق تســد" بيمنا أفلح في سياسته القبليـة التي استنتجهـا من طبيعة الصراع على السلطة وحُب التسلط على الناس فكـانت "اضرب القبيلـة الموالية بالقبيلـة المعـادية ولا تدع الأولى تنتصـر على المعـادية والعكس هو".
وهنـا تفـاجأ المحتل بأن ثورة جمـاهيرية تلاحقه في كل شبر من أرض اليمن.. وهنـا أيقن تماماً بأن رحيله قاب حدثين 14 أكتوبر.. و.. 30 نـوفمبـر..
هنا انطلقت الثورة الاكتوبرية بقيـادة الجماهير ومؤسسـاتها الفكرية القومية والعمالية والوطنية ممن قـادوا درب الثــورة ومسار النضال وهم كل أحرار وشُرفاء اليمن من المهـرة, حجة, ردفان, المناطق الوسطـى إلى صعدة, امتـزجت الدماء اليمنية الطاهرة بالأرض, فكانت التضحيات مقدسة والهدف قدسياً لمن لا يعلمه ممن بقايـا الأبناء والفُرس هو "استقـلال الوطن وتحريره من المحتـل الأجنبي "كل دِمـاء اليمنيـين امتزجت هناك في عدن كساحة يتواجد فيهـا رأس المُحتل, فكان الأحرار من أبنـاء الوطن الثـوريين يعملون على تفكيك جسد المحتـل وتدمير إمكانياته المادية والبشرية من الأمامية شمـالاً حتى أبين, جنوبـاً وهنـا مزق الثـوار جسد المحتل وفي لحظة الحسمُ كان الـ 30 من نوفمـبر 1967م يوم قطع رأس المحتل وإنزال رايته التي لفظتهـا الأرض ومزقها الإنسان وكان يوما للمجد, عنوانا في تاريخ اليمن "الاستقــلال" والذي وضع الأحرار من قادة الثورة الوحدة اليمنية من أهم الأهداف لأنهـا كانت الهـدف الأول من الاستقـلال..
هكـذا كان الثـوار يحملون الوطن على الأكتـاف وكانت الثورة وسيلة لا مفر منهـا للتعـامل من سياسة الاستعمـار وثقافة الاستكبار وكان الـ 30 نوفمبر استحقـاقا لكل اليمنيين الأحرار وصولاً إلى محطة الدولة اليمنية, تجاوز فيه الثوار ـ بكل صلابة وإصرار ـ إرهاصـات المرحلة ما بعد الاستقـلال فحقاً كان النصر عنوان الرجـال وحقـاً علينا نحن أن نلقب الأحياء منهم "الثـوار" والشُهــداء الأكـرم منا "نوفمـبر اليمن استقـلال وطن" ولكنا اليوم نحتفــلُ بهذه المناسبة والحدث اليماني العظيم ومهبط وحي الاستقلال, عدن الحُرة تشكو من سرطان الأصنام البشــرية في التعامل معهـا وكأنها حديقة للنهب والغنائم وتدمير كل ما بناه الأحرار من قيم وقوانين تضمن حقوق الإنسان وأمنه واستقـراره.. في وطن تخلص من كل أشكال الاستعمار الأجنبي والطغيان المحلي وها هو اليوم الاستعمـار يعود محركاً أذيـاله البشرية من العملة المحلية في المحافظات الجنوبية والشمالية سوى تلك الأذنـاب التي عُرفت على مدى تاريخ اليمن برفضها للتقدم والبناء والحرية للإنسان والكرامة للأرض فها همُ يلعبون دور المستعمر أياً كان اسمه اللعين وهم ذاتهم يقومون بحرب بالوكالة عن أسيادهم خارج الحدود, حرب شاملة ضد الأرض والإنسان, ينهكون الوطن بالفوضـى بديلاً للاستقرار ونهب الأموال العامة, بدلا عن التنمية والإعمار, يغتالون التنمية البشرية في الشوارع والجامعات والمستشفيات, يقلقون حتى الاموات في قبورهم بتسوير الحدائق المنزلية ونهب بيوت الخصوم السياسيين والحرب من أجل الغنيمة فذاك يحلم بالإمارة التقزمية وذاك يحلم بكرسي السلطان وآخرون ممن فقدوا الوطنية وقيمها الثورية, يمزقـون الوطن وقـال "فيـدرالية" كبـديل متقزم ومحاصصـة حزبية وقبليـة لا يعترف بهـا سبتمبر المجد ولا يقرها أكتوبر الثورة ولا يُسلم بها نوفمبـر الاستقلال, نحتفـلُ بوم الاستقلال وأعداء الوطن في الداخل والخارج وعلى الكرسي وفي المناصب العليـا قبحاً يحتفلون باغتيال العقول والكفاءات الوطنية, يقيدون القدرات بسلاسل العُرف الغوغـائي وحكم القبيـلة ذوي الأصول العثمانية والساسانية يدمرون عقل المواطن بالمفاهيم الكرتونية ويسلبون حقوقه الوطنية في الأمن والاستقرار والعيش بكرامة وحرية.
تعز ستحتفل والضالع ستنتصر لنوفمـبر وإب وحضرموت وكل محافظات الوطن ستشعل في مسـار موكب الاستقلال آيات من نـور كي يحترق طريق الظلم والظلام وتتوارى ثقافة العنجهيـة والطُغيـان ويغتال اليمنيون سياسة الأمر الواقع الذي يفرضه وكـلاء الاستعمار المحليـون من أمراء الحرب والإرهـاب كي يعيشـون على حساب دم المواطن وسيادة الوطن في بناء الفُلل ورفع منســوب الأرصدة المنهوبة من ثروات اليمن..
نثق بأن شعبنـا اليمن سوف ينتصـر على الوهن ويبتر قدمي السرطان والفتن كما انتصر على الاستكبـار والطغيان؟؟ يـا هؤلئك إنه اليمن العظيم كلما جرحتمـوه أنتم ازاد قوة وإصرارا على مواصلة التقدم والسير في مواكبة حضارة الأمم, ثقـوا لن يتقزم كأنتــم, ستظل الثورة اليمنية تلاحقكم وشُهـداؤها يحاسبونكم ونوفمبـر استقلال وطن.. فـأين المفــــر؟؟
علي السورقي – شيفيلد المملكة المتحدة
نوفمبر إستقلال وطن.. 2317