لايزال الصراع دائراً في صعده بين الحوثيين والسلفيين في ظل صمت مطبق من قبل حكومتنا الموقرة ودولتنا المبجلة إلا من بعض المحاولات الفاشلة لإنهاء الصراع ووضع هدنة بين الطرفين في دلالة واضحة على عجز الدولة على احتواء أي أزمة أو مشكلة تدور في البلد..
الأحداث التي تشهدها محافظة صعده ومنطقة دماج تحديدا أظهرت مدى هشاشة الدولة وأجهزتها الأمنية ومدى ضعفها وعدم قدرتها على حل أي مشاكل أو إنهاء أي توترات ربما تشهدها البلد في أي لحظة, مما ولد قناعة تامة لدى المواطن أن الدولة لا تملك بيدها زمام الأمور وإنها غير قادرة على حفظ الأمن في هذا البلد المتقد, وأن إمكانياتها لا تتعدى حدود الحوارات والمؤتمرات وإرسال لجان الإصلاح التي تعود خالية الوفاض وبخفي حنين..
وإلا فهل يعقل أنه لا تستطيع دولة بعدتها وعتادها وإمكانياتها القتالية وجيوشها المدججة بالسلاح والطيران أن توقف ذلك الصراع الدائر في صعدة, وأن تضع حدا لكل من تسول له نفسه العبث والمساس بالدولة وأمنها ومواطنيها الذين دائما ما يكونوا هم الطرف الخاسر في هذه المعارك التي شهدتها البلاد طوال أعوام عدة.
هل يعقل أن تقف الدولة بجلالتها وساداتها ومسئوليها عاجزة عن حل هذه المشكلة وإخمادها في حينها قبل أن يذهب ضحيتها الكثير وقبل أن تتسع رقعتها وتظهر هشاشتها وضعفها وخنوعها, أليس من المعيب أن تقف الدولة مكتوفة الأيدي وتنتظر أن تضع الحرب أوزارها أو أن يرق قلب الحوثيين الذين يسعون لأن يمتلكوا الدولة دون أن تفرض سيطرتها على مجريات الأحداث وتفرض هيبتها وقوتها؟.
ثم كيف يتملك الحوثيون كل هذه الأسلحة الثقيلة والمصفحات والمدرعات السيادية التي هي في الأساس من أملاك الدولة ولا ينبغي حيازتها من قبل أحزاب أو جماعات أو جهات أو أن تستخدم لإرهاب وقتل المواطنين؟ كيف أستطاع الحوثي وغيره أن يناصف الدولة وان يستحوذ على مثل هذه العدة العسكرية التي وجدت في المقام الأول والأخير لخدمة المواطنين وحفظ أمن وأمان البلد؟.
والمصيبة الكبرى هو ما تداوله الناس في أن الدولة قامت بتسيير المعونات والقوافل إلى أماكن النزاع ومد المقاتلين بالتغذية والعلاجات والذي للآسف ربما يعطي الحرب أبعاد أخرى ويمدد أمدها إلى أشهر وربما أعوام قادمة, وهذا هو الخطأ في اعتقادي الذي وقعت فيه الدولة إن كان ما تناقلته الألسن حقيقة, لان هذا من شانه أن يزيد حدة الصراع ويوفر للحوثيين أجواء مناخية مناسبة لمواصلة حربهم الظالمة على السلفيين الذين لا يملكون أبسط مقومات القتال..
وهذا يؤكد في عقليات الناس ومما لا يدع مجالا للشك ان الدولة هي ذاتها من تغذي هذه الفوضى والعبثية وهي من توفر لها الأجواء المناخية ليستمر الصراع ويطول أمده, والمؤشرات والدلائل والقرائن الواضحة هي من تؤكد هذا, وعدم قدرة الدولة على إيقاف هذا النزاع وبسط نفوذها وسيطرتها على أماكن ومواقع النزاع هو أيضا حجة دامغة لهذه الشكوك..
فهد علي البرشاء
الدولة وحرب دماج !! 1451