;
د. السيد مصطفى أبو الخير
د. السيد مصطفى أبو الخير

الموقف القانوني للرئيس مرسي 1660

2013-11-25 09:03:00


إن التضليل السياسي أفسد التكييف القانوني للوضع في مصر، وينسحب ذلك على المركز القانوني للرئيس المختطف محمد مرسي، فقادة الانقلاب العسكري يريدون وضع الرئيس في أي مركز قانوني خلاف وضعه الصحيح قانوناً والذى يتمثل في كونه مختطفاً، لعدة أسباب منها كون وضعه ووجوده الحالي يقف حائلاً قانونياً كبيراً لإجراء أية انتخابات رئاسية، كما أن في محاكمته رسالة للخارج بأن ما حدث تحركات قانونية وليست مصادرة للقانون، ورسالة للداخل أن الرجل متهم وحكم عليه لذلك يستوجب عزله عن منصبه وبالتالي فإن مكان الرئاسة يكون شاغرا يجب أن يشغله أحد بانتخابات رئاسية، مما يعطيهم دفعة قوية للقفز على منصب الرئاسة في مصر، والذى ظل حكرا للعسكر طيلة أكثر من ستين عاما، وفى اعتقاد قادة الانقلاب أنه يجب أن يظل كذلك للأبد، ففي فترة حكم المجلس العسكري تم تشويه المنصب بالدفع بأشخاص مدنيين محل سخرية واستهزاء للترشح للرئاسة مصر وتم التركيز عليهم إعلاميا، حتى يترسخ في أذهان الشعب المصري أن العسكر هم الأحق والأجدر بهذا المنصب لأنهم ليسوا محل سخرية أو استهزاء من قبل الشعب المصري، وفيها أيضاً تحذير لأى شخص مدنى يفكر في الترشح لرئاسة مصر وبالتالي ينحصر الأمر في العسكر.

ولكن لماذا التركيز على استحواذ العسكر على السلطة والحكم في مصر؟.. يبدو ذلك لسببين:

الأول: هو الحفاظ على المكاسب الاقتصادية والسياسية للعسكر في مصر وحماية إمبراطوريتهم الاقتصادية وحماية فسادهم الاقتصادي والسياسي.

ثانياً: لارتباط العسكر بمصالح الخارج وخاصة الولايات المجرمة الأمريكية والغرب ويهود في فلسطين المحتلة، وحتى تظل مصر داخل دائرة هيمنة ونفوذ الغرب حماية للمصالح الغربية وليهود في فلسطين المحتلة ولضمان عدم تقدم وتنمية معقل الإسلام وعنوانه في العالم بما لا يهدد تقدم الغرب والحضارة الغربية.

من المستقر عليه والثابت في كافة دساتير العالم، أن السيادة والسلطة للشعب يمارسها بالطريقة التي يختارها، يفوضها لمن يشاء دون معقب أو اعتراض، وبعد أن دخل الشعب المصري خمس انتخابات ومرتين استفتاء أكد الشعب المصري خلالهما اختياره للتيار السياسي الإسلامي، الذي يمثل الإخوان الكتلة الكبيرة المتماسكة فيه، سواء في الانتخابات الرئاسية على مرتين، حيث تبين بجلاء أن الشعب المصري اختار مرشح التيار الإسلامي الدكتور/ محمد مرسي، ورفض من عداه، ورفض حكم العسكر، وفى الانتخابات البرلمانية اختار الشعب المصري التيار الإسلامي سواء في مجلس الشعب أو الشورى، حيث فاز التيار الإسلامي بأكثر من سبعين في المائة من عدد المقاعد في المجلسين، ولم يكتف الشعب المصري، بذلك بل اختار الاتجاه الإسلامي في الاستفتاء على الإعلان الدستوري، لأن التيار السياسي الإسلامي أيد الإعلان الدستوري، وأيضا وافق الشعب المصري على دستور عام 2012م بأعلى نسبة تصويت على دستور في العالم بلغت 8ر63% وأعتقد أن هذه النسبة تعلن عن مدى قوة التيار السياسي الإسلامي في مصر.

الدكتور محمد مرسي هو الرئيس المنتخب الشرعي، بعد فوزه في انتخابات الرئاسة دون النظر إلى نسبة النجاح، فقد فازا الرئيسان الأمريكي والفرنسي بذات النسبة تقريبا، ولم يطعن أي من أفراد الشعبين الفرنسي أو الأمريكي في شرعية أي منهما، بل بالعكس، توافقت وتكاملت كافة أجهزة الدولتين للعمل مع الرئيس المنتخب، دون النظر لنسبة نجاحه في الانتخابات، لكن العسكر في مصر لم يرتضوا بذلك فتآمروا على الرئيس المنتخب مع كافة الأجهزة السيادية هذا داخليا، وتضامن معه كافة وسائل الإعلام المصري، والقضاء المصري بكافة أنواعه ودرجاته، أما خارجيا فقد تآمروا مع الولايات المجرمة الأمريكية ويهود ضده، وقد كشف ذلك الرئيس أوباما بكلمته أمام الجمعية العامة، وأيدت ذلك أيضا جلسة الكونجرس الأمريكي التي أذيعت على الهواء مباشرة، وقد أكد ذلك بعض كبار السياسيين الأمريكان، فضلا عن عدم اعتراف غالبية دول العالم بما حدث في مصر، ولم يعترف به سوى خمس دول فقط هي الداعمة للانقلاب العسكري في مصر، وهذا يؤكد أن ما حدث في مصر في 30/6 و 3/7/2013م هو انقلاب عسكري غير شرعي، كما أنه خارج إطار الشرعية القانونية الدولية.

إذاً ما حدث في 30/6 من هذا العام وما تلاه في 3/7/2013م، كان انقلابا عسكريا بامتياز صنع في الولايات المتحدة وتم تجميعه في إسرائيل ونفذ في مصر، وقد أكدت ذلك الدكتورة منى مكرم عبيد ذلك، في حديثها بالولايات المتحدة، حيث ذكرت أن الجيش طلب التفويض من مجموعة على رأسها الوزير حسب الله الكفراوي بكتابة تفويض للجيش بالتدخل في الحياة السياسية، وأضافت أن الجيش طلب ذلك على وجه السرعة قبل الساعة الثالثة عصرا، وقد وقع عليها خمسون شخصية منهم الأستاذة تهاني الجبالي والدكتور جابر ناصر رئيس جامعة القاهرة حاليا، والحديث موجود على الرابط التالي ..http://www.youtube.com/watch?v=_ZP0Ud598k0

 مما يدل ويؤكد على أن الجيش هو الذى طلب التفويض وليس الشعب المصري هو من خرج لتفويض الجيش.

ننتهي من ذلك إلى أن ما حدث في 30/6 و 3/7/2013م انقلاب عسكري يشكل عدة جرائم، وليست جريمة واحدة ارتكبها قادة الانقلاب، وردت في الكتاب الثاني الباب الأول بعنوان الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج المواد من (77 حتى 85) والباب الثاني بعنوان الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الداخل المواد من (86 إلى 102) من قانون العقوبات المصري، منهم جريمة قلب نظام الحكم، وجريمة تعطيل الدستور، فضلا عن جريمة قتل المتظاهرين السلميين، في مذبحة الحرس الجمهوري، والمنصة، ورابعة العدوية، والنهضة، ورمسيس، ويوميا في شوارع مصر، وهذه الأفعال تعد أيضا جرائم دولية طبقا للمواد من الخامسة للثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فهي وجرائم إبادة جماعية (مادة 6) جرائم ضد الإنسانية (مادة7) وجرائم حرب (مادة8) وجريمة تعطيل مؤسسات الدولة وجريمة خطف رئيس جمهورية منتخب، ومنعه من مزاولة عمله، وهى جريمة التعدي على موظف عام أثناء تأدية عمله.

ترتيبا على ما سلف فإن ما حدث بمصر في 30/6 و 3/7/2013م انقلاب عسكري غير شرعي وقادة الانقلاب يعتبرون قانونا مغتصبي سلطة من الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي، مما يوصم كافة قراراتهم وتصرفاتهم بعدم الشرعية، ومخالفة للقانون الدستوري والقانون الجنائي المصري، والقانون الجنائي الدولي، والبطلان المطلق نصيبها؛ لأن الفعل أو التصرف الذى يخالف المبادئ العامة والقواعد الآمرة في أي قانون، تكون باطلة بطلانا مطلقا أي منعدمة، أي عمل مادي لا يرتب عليه القانون أي أثر قانوني، ولا يصححه رضا الأطراف لذلك فإن كل ما صدر عن قادة وحكومة الانقلاب من تصرفات، باطلة بطلانا مطلقا أي منعدمة، ومنها بالطبع كافة التعيينات.

ومن هذه التعيينات المنعدمة تعيين النائب العام المستشار هشام بركات، الذى أحال الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب الشرعي ومعه أربعة عشر آخرين لمحكمة الجنايات بتهمة التحريض على العنف ( يقصدون المظاهرات أمام الاتحادية) والقتل في محيط قصر الاتحادية، والتخابر مع حماس، لذلك فكل ما يصدر عن هذا النائب العام منعدم قانونا، ولا أي أثر قانوني له، لأنه معين من قبل مغتصب السلطة، ومنها قراره بإحالة الدكتور محمد مرسي وآخرين للجنايات، ويؤكد ذلك انتقال أعضاء النيابة العامة للتحقيق مع الدكتور محمد مرسي ورفاقه لمكان خطفهم وهم معصوبي العينين، مما يعدم التحقيقات التي أجريت بمعرفته، لأن قرارهم الصادر بالإحالة صدر تحت ضغط وإكراه وأصاب النيابة العامة بعدم الحيدة والاستقلال عن السلطة التنفيذية، كما أن ذلك مخالف لنص المادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية المصري والمعدلة بالقانون رقم (145) لسنة 2006م والتي نصت على أنه (لا يجوز للمحقق في الجنايات وفى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبا أن يستجوب المتهم أو يواجه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور) لأن التحقيق مع الرئيس مرسي تم دون حضور محامى معه، مما يجعل تحقيقات النيابة التي أجريت مع الرئيس محمد مرسي باطلة.

كما أن قرار أن النيابة العامة قد صدر دون أن تقوم بإجراء أية تحقيقات في أحداث الاتحادية، حتى تبين من هو المتهم الفاعل الأصلي فيها من عدمه، ولا بد لمحاكمة الشريك/ المحرض أن يكون الفاعل الأصلي للجريمة معروفا لدى المحكمة، حتى ولو لم يعاقب لتعلق حالته بأحد أسباب الإباحة في القانون المنصوص عليها في الباب التاسع من قانون العقوبات المصري المواد من (60 حتى 63) وتتمثل في حالة الدفاع الشرعي، أو المتهم فاقد الشعور لجنون أو عته، أو موظف عام بناء على أمر من رئيس مع حسن النية.

كما أن المتظاهرين في محيط قصر الاتحادية كانوا جميعا من الإخوان، وقتل منهم كثير، وتلك مخالفة لأبجديات قانون الإجراءات الجنائية المصري وقانون العقوبات، فضلا عن أن المتظاهرين في محيط قصر الاتحادية كانوا يستخدمون حقا من حقوقهم، وهو حق التظاهر السلمى، وهذا الحق كفلته وفرضت حمايته، كافة مواثيق وإعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان الإقليمية والعالمية، ومصدقة عليها مصر وتلتزم بها، عملا بالقاعدة الدستورية المستقرة والثابتة، التي وردت بالمادة (151) من الدستور المصري الملغي لعام 1971م، والمادة (145) من دستور مصر لعام 2012م، وأكدتها كافة دساتير العالم، وتلك قاعدة عامة وآمرة في القانون الدستوري، لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على مخالفتها.

ترتيباً على ذلك فإن المظاهرات أمام قصر الاتحادية عمل مباح وليس محرما أو مجرما، وعملا بالقاعدة الثابتة في قانون العقوبات المصري (أنه لا مقاومة لفعل مباح) وتطبيقا للباب التاسع من قانون العقوبات الذى نص على أسباب الإباحة وموانع العقاب في المادة (60) منه التي نصت (لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة) والحق في التظاهر مقرر أيضا في الشريعة الإسلامية, لذلك ليس ثمة جريمة.

وطبقاً للمادة (40/أ) من قانون العقوبات التي نصت على أن (يعد شريكا في الجريمة: أولاً: كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء على هذا التحريض) وتطبيقاً لهذه المادة يجب أن يشكل الفعل المحرض عليه جريمة من الجرائم، والتظاهر أمام قصر الاتحادية حق يحميه القانون الدولي لحقوق الإنسان وليس جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عن عدم معرفة الفاعل الأصلي في جريمة القتل والعنف هنا.

أما جريمة التخابر مع حماس، فالاتصال بالخارج وتمثيل الدولة من اختصاصات رئيس الجمهورية، وتلك قاعدة دستورية معروفة وثابتة ومستقرة في كافة الدساتير، وقد نص عليها دستور عام 2012م في المادة (145) فنصت على (يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية), فضلاً عن أن هذا العمل يعد من أعمال السيادة التي لا تخضع للقضاء وتخرج عن ولايته، لذلك لا محل لمحاكمة الرئيس عليها، لاتصالها بالأمن القومي المصري.

وعادة الدساتير تنص على طريقة محاكمة رئيس الجمهورية، وقد نص على ذلك في دستور عام 2012م في المادة (152) التي نصت على (يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى، بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله؛ ويعتبر ذلك مانعا مؤقتا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم. ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية أقدم نواب رئيس محكمة النقض ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام.. وينظم القانون إجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة؛ وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى).

الاتهامات الموجهة للرئيس التحريض على قتل المتظاهرين جناية، والتخابر مع حماس تعتبر جريمة خيانة عظمى، لذلك تنطبق هذه المادة عليه، مما يجعل محاكمته أمام محكمة أخرى، باطل ولا يجوز قانونا ويكون حكمها - إن أصدرته - منعدما لصدوره من محكمة غير مختصة قانونا، ولا يقدح في ذلك كون الدستور معطلا، لأن هذا الإجراء منعدم قانونا أيضا.

فضلاً عما سبق، فإن هناك خصومة منعقدة بين رئيس المحكمة المعين لمحاكمة رئيس الجمهورية، وهو المستشار نبيل صليب، وهذا ثابت في مقال لسيادته نشر بجريدة الأهرام القاهرية بعنوان "لم يحرك ساكنا" ويهدد بإغلاق المحاكم رداً على محاصرة الدستورية المقالة في صحيفة الأهرام اليومية بتاريخ ١/١/٢٠١٣م، مما يطعن في حيادية المحكمة، بالإضافة إلى الخلافات التي كانت بين رئيس الجمهورية المختطف والمحكمة الدستورية العليا، ومعظم الهيئات القضائية خاصة بعد محاولة عرض قانون السلطة القضائية على مجلس الشعب المنحل بحكم منعدم، وما مؤتمرات نوادي الهيئات القضائية عنا ببعيد أشهرها مؤتمرات المستشار أحمد الزند ورفاقه خير دليل.

يترتب على كل ما سبق، أن محاكمة الرئيس الشرعي المنتخب من قبل القضاء المصري، خارج إطار القانون والشرعية، لمخالفتها المبادئ العامة والقواعد الآمرة في قانوني العقوبات المصري وقانون الإجراءات الجنائية المصري، مما يجعلها باطلة بطلانا مطلقا، أي منعدمة قانوناً، ولا يترتب عليها أي آثار قانونية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد