تطلع أحرار الشعب اليمني إبان انطلاق الثورة اليمنية السلمية مطلع عام 2011م إلى التغيير الشامل في البلاد ودفن ثقافة الماضي التي استمرت أكثر من ثلاثة عقود والتي خلقت الفوضى العارمة ،والفتن المتلاحقة، وأنتجت الفقر ،وصنعت الفساد، وأوجدت مجتمعا مفككا، ومؤسسات رسمية شكلية وهشة ، وفي ظل هكذا وضع ثار الشعب اليمني من أجل التغيير ، وكانت ثورة عظيمة فيها من التضحيات الكثيرة ، فلقد جاد المناضلون بأرواحهم ودمائهم من أجل الوطن وإبعاد شبح الظلم والفساد عنه ، واستطاعت الثورة السلمية أن تقلع رأس النظام السابق وكانت في طريقها لإحداث التغيير الكامل حينها جاءت المبادرة الخليجية لتحد من تقدم الثورة ولتعطي فرصة لأنصار النظام السابق في البقاء و تمنحهم الحصانة ، وتمكنهم حتى من ممارسة الحكم كطرف يقابل طرف الثورة ! حيث حاز ذلك الطرف على نصف الحكومة المشكلة التي سُميت بحكومة الوفاق ، وهنا بدأ أمل البعض في التغيير المنشود يتلاشى رويدا رويدا ،فقد ظل الفساد منذ23نوفمبر2011م- تاريخ توقيع المبادرة -مهيمنا على العديد من مؤسسات الدولة المهترئة وبقي الفاسدون في مناصبهم حتى اليوم – إلا القليل_ الذين تم إزاحتهم من مناصبهم بقرارات جمهورية، ولا عجب أن تجد الفساد مازال متسيدا في حكومة جاءت بها الثورة السلمية ودعمتها المبادرة الخليجية ذلك لأن نصفها مازال يمثل النظام السابق بل إن هناك من وزرائها ومسؤوليها في الطرف الممثل للثورة من هو متهم بالفساد أيضا. إنها مأساة كبيرة بل ضياع لثورة عظيمة عندما لا يحدث التغيير في اليمن رغم التضحيات الكبيرة التي قُدمت ، ولعلنا هنا لا نستقصي هنا فساد الحكومة الوفاقية ولكننا نؤكد على وجود الفساد فيها بشقيه المالي والإداري مهما حاول البعض أن يتجمل ، لنأخذ مثلا على الفساد الإداري فيها، القبول في الكليات العسكرية فلقد كانت آلية القبول هذا العام جيدة وعبر لجان في المحافظات وتقدم أكثر من ثمانية وعشرين ألف شاب تم اختبارهم تحريريا ولياقة وبمعايير خاصة أوجدت لدى الجميع الرضى والتسليم بمصداقية الآلية وقد تم الإعلان عن الفائزين عبر الصحف والمواقع الإلكترونية وعرف الناس جميعا من فاز ومن سقط، ولم نلبث سوى فترة وجيزة حتى (عادت حليمة إلى عادتها القديمة) وتم إدخال بعض الطلاب ممن سقطوا في الامتحانات إلى كشوف هذه الكليات كمقبولين ولكن من تحت الكراسي وعبر الوساطات النخبوية للجنرالات المخضرمين والمهيمنين على صنع القرار، للأسف لم يكن الطلاب الذين تم إدخالهم بتلك الوساطات من المستحقين بل كانوا - كما تؤكد بعض المصادر- أنهم من أقرباء ومقربين لوزير الدفاع وكبار المسؤولين والضباط. تقاسموا الأعداد المدخلة ،وكأن هذه الكليات إرث خاص لهم وليس للشعب شيئا فيها!! وبرغم أن وزير الدفاع وفي أكثر من تصريح له قد أكد أنه لا مجاملات ولا وساطات في القبول, لكن ها هم يعودون بهذا الفساد إلى عهد ماضي أقام الشعب ضده ثورة شبابية سلمية، وهاهم يمارسون الأساليب نفسها التي مارسها النظام السابق!! فما هو الفرق إذن بين الطرفين فكلاهما فاسد؟.
إننا هنا نطالب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة- لإقرار النتائج الأولى فقط واستبعاد كل الوساطات غير القانونية ومحاسبة كل من تجاوز آليات القبول، ووضع حل سريع لبقية الطابور الطويل من الشباب الذين لم يتم قبولهم ،كما ندعو لاحترام دماء الشهداء الأبرار، قبل أن يلعن الشبابُ كلَّ من كان سبب معاناتهم اليوم ، وقبل أن يقيموا ثورة جديدة شعارها" الشعب يريد إسقاط حكومة الوفاق الفاسدة ".
ومضة:
قف بنا حتى يمر السيلُ من
دربنا المحفوفِ بالشرِ الصراحِ
أين تمضي؟ والقضاء مرتقبٌ
ومتاحٌ والرجاء غيرُ متاحِ
والدجى الأعمى يغطي دربنا
برؤى الموتى وأشلاء الأضاحي
أين تمضي ؟ وإلى أين بنا..
جدتِ الظلماء فدع حمق المزاحِ
أظلمَ الدربُ حوالينا فقف..
ريثما تبدو تباشيرُ الصباحِ !!!
*الشاعر/عبد الله البردوني.
غالب السميعي
القبول في الكليات العسكرية!! 1328