حين يُبتلىَ بلد بتحديات أمنية صعبة، وصراعات معقدة، وممحاكات سياسية، وإرباكات متوالية، ومرحلة بالغة الحساسية كالتي تمر بها اليمن، تتسع الجريمة، ليصبح أمن المجتمع على كف عفريت، مالم يتداركه الجميع، ويتولد الشعور بالمسئولية الجماعية!!.
وحده رجل الأمن مَن يتحمل مسئوليته في أعقد الظروف، ليوفر الأمن والأمان للجميع ما أمكنه ذلك، ثم وحده من يدفع الثمن غالباً من راحته وراحة أسرته، وأحياناً من حياته, كما شهدنا ونشهد.. فيما الجميع يتنصل من مسئولياته وينشغل بمصالحه!.
وحده رجل الأمن، مطلوب منه أن لا يقف متفرجاً أو حائراً وسط كل هذا المشهد المربك، بل أن يعمل بصمت ويؤدي واجبه في الميدان.. على الأقل لطمأنة الناس.. ففي ظل أجواء مقلقة- كالتي نعيشها اليوم- وقلاقل مفتعلة تثير المخاوف، يظل المواطن بأمس الحاجة إلى شعور بالأمان، وإحساس بأن الوضع ما يزال تحت السيطرة!.
إن مجرد رؤية رجل أمن في المداخل والشوارع تشعرنا بالطمأنينة وتزيل إحساسنا بالقلق، حتى وإن أزعجنا تفتيشه الانتقائي، طالما أنه يمارس واجبه ويمثل دولة، أفضل من أن نرى مكانه مسلحاً خارج إطار القانون.
من هنا فإن وجود أي مظاهر أمنية في أي مكان يكتسب أهمية بالغة في ظروف كهذه، كونها أولاً رسالة تطمين للمجتمع، تبدد المخاوف وقلق الإحساس بالفراغ.. واحتواء الفلتان، وقطع الطريق على المزيد من الجرائم وفوضى السلاح!.
لهذا تظل الحاجة ماسة لوجود حملات مكثفة وانتشار أمني واسع النطاق يبعث على الطمأنينة في هذه المرحل بالذات، على غرار ما تنفذه وزارة الداخلية من حملات أمنية نوعية دشنتها في الأسابيع الماضية.. فرغم كل ما يستجد من حوادث مقلقة هنا أو هناك واتهامات بالتقصير والتهاون، إلا أن الجهود الأمنية تمضي في الاتجاه الصحيح دون جدال، أياً كانت السلبيات في هذه الخطوة.. فوجود حملة بهذه الكثافة والتواجد في كل مكان هو بالتأكيد أفضل من الفراغ، ويستحق التقدير.
مخطئ جداً من يعتقد بأن له مصلحة في زعزعة الأمن، أو تشويه مثل هذه الحملات، أو التقليل من الجهود الأمنية التي تعمل قدر استطاعتها على احتواء الوضع وتحقق نجاحات في أكثر من اتجاه.. لأن إجهاضها لن يسلم من تداعياته أحد.. بل الواجب والمنطق يفرض علينا أن ندعم استمرار هذه المظاهر الأمنية بقوة شئنا أم أبينا.. ذلك لأن الأمن هو أمان كل بيت، وهو المجال الوحيد الذي يمس حياة الجميع بلا استثناء، كبيراً وصغيراً، مسئولاً وموظفاً، شيخاً ورعية، غنياً وفقيراً.. ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بهيبة دولة، وقيمة سيادية في غاية الحساسية والخطورة.. ومن يحاول اللعب بورقة الأمن كمن يلعب بالنار, سيطاله اللهب, عاجلا أم آجلاً!.
لهذا نؤكد أن من مصلحة الجميع أن تحتفظ أجهزة الأمن بمعنوياتها العالية في هذه الحملة.. فوحده رجل الأمن من يجب أن نحيده عن الصراع، وندعه يعمل، ونقدر تضحياته، وننصفه في التقييم.. طالما أنه يعمل لمصلحة الجميع!.
محمد مسعود
الأمن.. خط أحمر 1032