إن الوطن تحت سقف الضرورة, وليس الرفاهية.. إن الوطن الخالي من الأمن والرزق قد سماه القرآن على لسان أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام "وادٍ" (ربي إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم", فما دام غير ذي زرع فيقتضي خلوه من البشر, فلا أمن ولا رزق لهذا سماه وادياً..
ولما كان الأمن مدعاة للرزق بدأ به سيدنا إبراهيم, فكان أول طلب له عليه السلام استحقاق أمني وملح في الوقت نفسه (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم).. ولما كانت المهمة أمنية خالية من النفع المادي ركز طلبه على نوعية كريمة من البشر "أفئدة", فالفؤاد في القلب مهمته ضخ القيم.. أما جزئية ملح فنقرأها في مفردة (تهوي إليهم), ففيها ملمح السرعة المستوحاة من الدلالة اللغوية للأصل هوى وهو السقوط؛ ودلالة الحب أيضاً الذي يزيد من تلك السرعة, فتحقيق الأمن مهم جداً.. ثم كان الطلب الثاني استحقاق اقتصادي (وارزقهم من الثمرات)..
راجع كل الدعوات اللاحقة لسيدنا إبراهيم عليه السلام ستجدها تذكر "بلادا", لا وادياً, وذلك لتحقق أهم ركيزتين في الوطن وتحت سقف الضروريات لا الكماليات؛ الأمن من الخوف أولاً, ثم الخوف من الجوع ثانياً.. فهل نجد يمننا وطناً وجديراً بتسميته "الوطن"؟!.
د.حسن شمسان
الفرق بين الوادي.. واليمن وبلادي! 1419