من على فراش المرض، أكتب بقلوب مفعمة بالأسى والحزن وبالفراق الذي يملأه غيره.. فقد جعل لنفسه مكانة خاصة في قلوب الأحباب من الأهل والأصحاب والأحبة ورسم رحمه الله وشائج المحبة والمودة والصلات في قلوب من عرفوه برسم لا يقبل النقل والتقليد والاستنساخ, لأنه كان قد خطه بيده وعقله ولونه بأزهى الألوان التي لا تبلى.. عجنها بقطرات عرق العمل والفلاحين ومزجها بتربة الوطن الطاهرة.. الوطن الحبيب.. من مختلف بقاع المزارع وبطون الأودية.. ومن رمالها الذهبية النقية كتب بها أسامي خالدة في الذاكرة.. كأمثال الدكتور المعلم، والدكتور المقطري، الدكتور شفيق عطا، وصالح أحمد النينوه، والمهندس صالح بن حيدر، المهندس محمد حسين أمذري، والأب الكبير أبو هاشم، والعم عوض كريروه، والآوي، وفضل جابر، والمهندس حسين بن سميط، والدكتور منصور جميع، والأستاذ فضل عمبول، والهندي محمد سرور، والمهندس ناصر عامر، والمهندس محمد عوض باعامر، المهندس أحمد الزبيدي ، ومليكان ومريبش، والمهندس سامي همشري، وصقر الوزارة المشجري وأحمد حنش وقاسم عمر وصالح باصبرين، وعوض ناصر محمد، وحسين أحمد أمجلد، عبدالله أحمد الحسني وطويل العمر الأستاذ حسين ناصر عمير والدكتور عبدالواحد مكرد والمهندس حسين بدر, وغيرهم..
ذلكم هو الأخ محمد سليمان ناصر وزير الزراعة والإصلاح الزراعي الذي توفاه الله إثر مرض عضال في أحد المستشفيات (بالهند) ليلحق برحاب الخالدين والصديقين الأبرار بإذن الله تعالى.. مات وزيرنا داعين المولى عز وجل أن يتغمده برحمته ويدخله فسيح جناته.. وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد امتلأت ساحة مطار عدن لاستقبال جثمانه بهامات مجتمعية تكن له كل تقدير واحترام وتترحم عليه وتدعو له بجل الدعاء بالرحمة والمغفرة.. لقد حمدت الله كثيراً لحضور أصحاب الواجب والوفاء, كانت فرصة ليلتقي بعضنا ببعض.. إنها من رحمة مأتم المولى لندعو لبعضنا البعض من البقية بالصحة والعافية وحسن الختام بصالح الأعمال.
وكان في مقدمة الحضور رجل الواجب الأول الكبير بسلوكياته ودماثة خلقه المعهودة وبصدره الرحب الأخ الأستاذ الكبير/ أحمد حيدرة سعيد متقبلاً تعازي الحاضرين مع ابن الفقيد وأسرته وأقاربه من قرية (أمقوز) وكل شخصيات محافظات أبين ولحج وعدن وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى وصنعاء.
لقد فقدنا فقيدنا وعشرته من فترة توليه وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في مطلع السبعينات وحتى أحداث 1986م, فترة شهد القطاع الزراعي تحولاً ونقلة اجتماعية اقتصادية نوعية من التطور الزراعي تمثلت في إقامة الجمعيات الزراعية وفي عموم المحافظات الجنوبية وإنشاء وقيام المزارع الكبيرة, مزارع الدولة ومحطات تأجير الآليات الزراعية ومصنع الأدوات الزراعية والعديد من المؤسسات المهنية والإدارية لتطوير وتنظيم آليات العمل في علاقات الإنتاج الزراعي وفتح مجال فرص عمل لشباب الريف وقيام المعاهد الفنية والإرشادية والبيطرية ومجمعات تنمية المرأة الريفية وتعزيز مكانة البحوث الزراعية, التي انتهت جميعها بعد أن ترك الوزارة وماتت قبل موته وتبعتها تجربة المباريات الإنتاجية الثقافية للمعارض الزراعية وتفرقت الأيادي.. وكلما حاولنا أن ننسى شموخ مشاريعنا الوطنية إلا أننا لا ننسى قادة العمل وريادته ومؤسساته, لأن أعمالهم ظلت في الذاكرة نتألم عليها كما نتألم على فراقهم أحياءً وأمواتا.
فيا أصدقاء ومحبي المغفور له بإذن الله تعالى (الفقيد محمد سليمان ناصر), وزير الزراعة والإصلاح الزراعي.. سامحوا أخاكم ومحبكم وتواصلوا فيما بينكم واذكروه بالذكر الطيب وقدموا التعازي لأسرته وذويه.. لقد كان يسأل عن الجميع ويتذكر كل المواقف بآخر اتصالاتي به بالقاهرة وأنا في زيارة فترة علاج.. كنت أتلقى اتصالاته التليفونية ليلياً من مدينة فيصل بالهرم إلى مقر سكني للعلاج بسليمان جوهر بالدقي, يبدأها كل ليلة بالترحم على روح الفقيد أبوبكر المعلم وشفيق عطاء, وفي آخر كل اتصال يقول لي عندما تعود البلد لا تنسى تزور (يوسف مجرثم) في الكود, كان عامل خدمات في الوزارة, ولا تنسى تزور (روبسون) السائق الوافي الذي عاش إلى جانبه من قرية المسيمير.. وعند عودتي للبلد زرت الكود للسؤال عن (يوسف مجرثم) فلم أجده وقيل لي توفاه الله.. وربنا يغفر له ويرحمه إن شاء الله تعالى.
غفر الله لكل موتى القطاع الزراعي وتحية سلام للأحياء منهم, ومعهم ندعو الله تعالى أن يتغمد فقيدنا بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته إن شاء الله تعالى, وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان, وإنا لله وإنا إليه راجعون.
م/ عبدالله ناصر ناجي
الفقيد محمد سليمان ناصر.. اسم لا ينسى 2798