في أوج الثورة وألقها وفي أشد الهجمات عليها وعلى شبابها حافظ الثوار على نسق واحد من التعامل والنقاشات والردود على من يسيئون للثورة وأبناءها وبناتها حتى في تصعيدهم وهدوءهم وفي حلمهم وغضبهم لم ينجروا إلى مماحكات سبابية يجيد الخصم اللعب على أوتارها جيدا ليس لبراعته أو تفننه في ذلك بل لأنها تعتبر مرتعه الخصب وكنزه الوحيد ولأن الثوار لا يحبذون ولا يجيدون ذلك الأسلوب الدنيء الذي لا يعبر إلا على مرتاديه وأدعياءه
حينها كانت الثورة تقذف بأقسى وأشنع اللعنات والكلمات النابية التي لم تسلم منها النساء ولم يسلم منها الشهداء أيضا, كانوا يُقذفون ليلا ونهارا سرا وجهرا وعبر كل المنصات والمنابر الإعلامية المتاحة ومن أكاديميين وتربويين أيضا ومع ذلك تعاملت الثورة مع قاذفيها بصبر وعلو إيمانا منها بأحقية مطالبها وسمو أهدافها وتصديقا منها بأن الضعيف وحده من ينجر وراء ذلك الأسلوب والثورة لم ولن تكون في حالة ضعف وتراجع
ولقد حققت الثورة انتصارات عدة, وانتصرت بأخلاقها أكثر مما انتصرت بقوتها وصمود شبابها لترسخ في أذهان الشعوب أن الثورات أخلاقيات وممارسات وما نجحت ثورة وما استطاعت جذب أكبر طيف ممكن من الكتلة البشرية إلا بالمعاملة الحسنة والأخلاقيات العالية, ترسخت تلك الأفكار لدى الثوار بعد أول يوم لاندلاع ثورتهم ومازالوا يحافظون على تلك المبادئ الرفيعة حتى اللحظة
بالأمس خرجت مظاهرة ثورية لإحياء ذكرى مجزرة 11/11 وللتنديد بالأوضاع التي تعيشها تعز شرارة الثورة وملهمتها وحاضنة الشهداء كان حشداً كبيراً أقرب إلى حشود ثورة فبراير وكانت الهتافات واضحة بدءاً من المطالبة بالقصاص للشهداء وانتهاءً بمطالبة هادي بالخروج عن صمته وإرساء عملية التغيير في المحافظة, ولم تكن هناك أي هتافات مسيئة لأي أحد كان, ولم يتعرض أحد لعرض أي شخص فأخلاقنا أرفع من أن ننجر إلى مثل هكذا مستوى, وبالأمس أيضا راح البعض يكيلون التهم للثوار بأنهم قد سبوا المحافظ وهذا مجافٍ للحقيقة..
أنا شخصياً كنت في تلك المظاهرة وشاركت فيها من حيثما انطلقت وإلى آخر محطة رست فيها ولم أستمع لأي من تلك الهتافات المزعومة التي يبدو أنه لاوجود لها سوى في أذهن ضعفاء النفوس ورغم رفضي لتلك الهتافات إلا أنها كانت مرتبة بشكل ملفت..
صحيح أنه كان هناك هتافات مطالبة برحيل المحافظ لكن أحدا لم يتعرض لعرضه أو يتطرق للإساءة إليه ورغم اختلافنا معه إلا أنه يبقى ممثل المحافظة والقائم بأعمالها والإساءة إليه هي إساءة لكل أبناء تعز وتستوجب المساءلة والعقاب.
محمد أحمد عثمان
ثوار لا سبّابون!! 1468