كثيراً ما نسمع هذه المقولة تعبيراً عن الندم، الجملة أطلقها الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين ونبعت عن دهاء وفصاحة منه، المقولة تنطبق عليها أكثر المواقف التي تطوق حياتنا الاجتماعية والسياسية.. سمعتها آخر مرة من امرأة مسنة اشتعل رأسها شيباً، دعاني الأمر للاقتراب منها فلا أجمل من مجالسة المسنين ذوي الخبرة العميقة, فرحبت بي ووضعت لي متكأ.. ثم حدثتني:" آح يا بنتي، كنا بنعمة وأصبحنا بنقمة برغم توفر كل شيء أمامنا، كنه الزمن تغير!".
الزمن تغير لأننا إحنا تغيرنا ..ولا يمكننا أن نعيب على الزمن قبل أن نحاسب أنفسنا،
الكثير يتلفظ بهذه الجملة (الزمن تغيّر) كلما شاهد أمراً اختلف وأموراً غير متوقعة حصلت, وتغيرات ليست ككل التغيرات فيمن حوله.. تغيرات لا يرضى القلب ولا العقل بوجودها ولكن ما العمل لا نستطيع سوى معايشتها..
من خلال اجتماعي بالبعض تتكرر على ألسنتهن تلك الكلمة فاسمع تنهدات قلوبهن "الزمن تغيّر"!.. لا ليس الزمن بل نحن نعم نحن هل هو الزمن؟!, ماذا نقول الزمن أم نحن أم هم ؟!.. حين يؤذي الجار جاره, حين لا يحفظ بيته في سفره, حين لا يفرح لفرحه.. حين لا يعلم بوجوده أو رحيله.. حين لا يفشي السلام عليه.. حين تنعدم المشاركة والزيارة.. حين نجتمع بصحبة لنا.. حين نجد الأنس بقربهم حين نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم.. حين تفترق الأجساد تبقى القلوب مجتمعة والأرواح تغذي شوقها بلقاء جديد مشرق نلتمس البعد والجفوة والقسوة فتبدأ الأفكار تأخذ مأخذها في أرجاء العقل وتفتح مكامن الوجدان لتمحي ما كان بها من حب وود للأسف قد تغيروا هل هي المصالح التي كانت تجمعهم أم مسألة وقتية ثم ينتهي كل شيء؟!, هل نحن أم الزمن قد تغيّر؟.. كان القريب يفرح ويأنس باجتماع قريبه وينتظر حلاوة اللقاء في ذلك اليوم الذي يجتمع فيه به ولكن ما الحال الآن؟!.
(إن أكمل المسلمين إيماناً أحسنهم خلقاً، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة).. صحيح .. قد ندرت تلك الأصناف حتى لا نكاد نشعر بوجودها, ربما قد أعلنت انقراضها أو رحلت واحتفظت بوجودها بعيداً عن مثل أولئك الناس وربما قد ضاعت فغرقت بين تلك الأصناف التي قد ملأت كيان مجتمعاتنا.
"النفوس تغيرت إحنا نكون كويسين مع كل الناس دائماً ونحترم الكل وبتلاقي.. ما في مقابل ونقول المعاملة مع رب العالمين.. نظل نعامل بطيبة ونتحمل أخطاء الناس.. بس لمتى؟.. وأوقات خلاص ما نقدر نسامح كل إنسان وتموت طاقة التحمل وممكن تنفجر بلحظة من اللحظات.. فالبعض نفوسهم مريضة حاقدة تنتظر أي لحظة للأذى.. كل هذا يدعو للتغيير "أو أنا غلطانه"..
تركتني معلقة تلك التنهيدة من المرأة بين واقع مؤلم وأمل يحثنا على تنفس الحياة بشراهة!.
أحلام المقالح
تناهيد زمن لم يتغير! 1794