نستطيع أن نطلق مصطلح الدولة الوسيط وبكل أريحية على الدولة اليمنية, فهي وكما يبدو قد استهواها لعب دور الوسيط لحل الخلافات داخل البلد وخارجها وكلنا يتذكر المبادرات التي كان النظام السابق يحشر أنفه فيها, فمن محاولاته التوسط في اجتياح الكويت, إلى مبادراته لإصلاح جامعة الدول العربية, إلى محاولاته لإعادة الوحدة بين الكوريتين من خلال محاضرة في جامعة كورية جنوبية, إلى غير ذلك من الوساطات في الصومال وغيرها مما لم تسعفني الذاكرة في سردها.
ويبدو أن دولة الوفاق لا تزال تسير في نفس الدرب, فها هي تمارس دور الوساطة في صراع دامٍ يدور على أراضيها وها هي تتقمص دور بن عمر وتستعين به لوقف حرب ضروس واعتداء همجي من قبل جماعة مارقة تهدف للسيطرة على عدة محافظات وتصفيتها من أي قوى ترفض أن تستكين أو أن تسلم لغير شرعية الدولة زمام أمرها.
إن جماعة مارقة كجماعة الحوثي ينبغي أن يفرض عليها وقف قتل من لا يؤمنون بمشروعها خصوصاً بعدما سقطت أوراق التوت عنها وسقطت ادعاءاتها التي حاولت تسويقها على أنها جماعة مظلومة معتدى عليها تحارب من أجل شعار غريب كلماته في واد وتطبيقه في واد آخر..
فهل مثل تلك الادعاءات تصلح لأن تكرر خصوصاً وأن المعركة والقصف والقتل والتدمير يحدث في منطقة خصومها لا في منطقتها وإن كانت المبررات لهذا العدوان غير تلك السابقة إلا أن من ساق مبررات غير منطقية وكاذبة لتبرير العدوان على الدولة في الحروب السابقة بين الدولة وجماعة الحوثي هو أقدر على أن يسوق مبررات مشابهة لهذا العدوان الغاشم على السلفيين ومن لم يقبل بسلطة جماعة على حساب سلطة دولة.. وسيتبين لمن لا تزال الغشاوة على أعينهم متعمدين وجود الغشاوة أو عن غير قصد أن الحوثيين أصحاب مشروع طائفي سلطوي إقصائي لن ينجحوا في إخفائه وإخفاء نواياهم طويلاً وأن الظلم الذي يمارسونه لم يعد ممكناً السكوت عنه إلا من ذوي النوايا السيئة وأصحاب المشاريع المشبوهة.
وعلى ذكر الوساطات فقد تكون الوساطات هي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع أن تمارسها الدولة في حالتها الراهنة درأ للحرج وللعجز, فقد تكون هذه الوساطات والمبادرات جهد المقل ولا نستغرب في ظل وضع وحالة الدولة اليمنية منذ أن أضعف من وضعها النظام السابق أن يكون دورها دور الأمم المتحدة, دور الوسيط والمبادر والمناشد وأن يتحول دورها من أداة لتنفيذ القانون وبسط سيادة الدستور وبسط النظام إلى دور المبادر والمناشد ومن الآن وصاعداً ننتظر مبادرات من السلطة لحل كل نزاع بين قبيلة وأخرى وفصيل حراكي مع فصيل آخر وبين القاعدة والولايات المتحدة الأمريكية.. ووفق الله كل من يسعى للتوفيق بين الناس والجماعات والدول والأمم.
جلال الوهبي
العدوان الحوثي والدولة الوسيط 1483