أحداث دماج وتطوراتها والمآسي التي رافقتها وكذلك الحوار الوطني وتعدد الحراك الجنوبي ومشاكلهم ومشاكل الجنوب وحكومة الوفاق الوطني وعمليات التخريب وطريقة امتصاصها وآلاف المحاولات لتفجير حرب أهلية في اليمن والأوضاع الاقتصادية وفشل حكومة الوفاق ومكاسبها الوطنية وتهرب المانحين وتدفق السلاح الإيراني والبعثات التدريبية ونتائج الحوار المرتقبة والمرحلة السياسية السلمية ما بعد الانتقالية وتدفق المليارات لحلفاء إيران وحلفاء المملكة وذهاب ورقة صالح تدريجياً والقبائل والنخب الثقافية المنقسمة وضعف الليبرالية وقابلية القوى السياسية للتقارب والحلول الوسط وقضايا المغتربين اليمنيين والموقع الاستراتيجي لليمن.. كل هذه القضايا والتي تعتبر المكون الرئيس للملعب السياسي في اليمن ولاشك أن لكل من ايران والسعودية دور أساسي في اللعب ببعضها أو بأغلبيها ومن خلال الأحداث الأخيرة سواء من التقارب الأمريكي الإيراني أو حرب دماج أو السياسة الخليجية وإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة أو وصول العسكر في مصر لطريق مسدود ستنعكس على سياسة البلدين تجاه اليمن وعليه فإن المتابع العادي الذي لو طلبت منه تقديم نصيحة للبلدين بشأن اليمن فسيقول التالي: بالنسبة للشقيقة السعودية فعليها أن تعلم أن اليمن ستظل الحديقة الخلفية لها وان وجود نظام قادم مبني على الثقة المتبادلة وحسن الجوار والاحتواء الإيجابي باحترام كل واحد لخصوصيات الأخر والمزيد من دعم الاقتصاد وتسوية أوضاع المغتربين وإنجاح الحوار وإبطال مفعول حرب الحوثية وقلاقل البيض سيعطي السعودية ورقة قوية تستطيع من خلالها حفظ خطوطها الخلفية آمنة خالية من السخط الشعبي وكذلك إيقاف التمدد الإيراني وخططه ببناء منطقة في شمال الشمال تكون منطلقاً للانقضاض على الخليج وزعزعة أمنه وابتزاز القوى الغربية لهم ومن شأنه أيضاً إيصال رسالة للتقارب الأمريكي الإيراني بعدم جدوى هذه الورقة..
نحن لا نتمنى أن يعرف الأخوة في السعودية كيف الوصول لهذا الهدف ومن هي القوى التي ستمكنه من ذلك ولكن نحتاج منهم لبذل حسن النوايا فقط.
أما الإخوة في ايران فالمتابع لشأنها يعرف أنها لعبت بورقة الحوثي وبعض فصائل الحراك وبعض انصار النظام السابق لتحقيق أهدافها في اليمن ولا يخفى الثمن الباهض الذي قدمته وهي فعلا جعلت في غضون سنوات قلائل من نفسها لا عباً أساسياً في اليمن, لكن اليوم وبعد التغيرات نجد أن أوراقها لم تعد محل قبول أبناء الشمال ولا أبناء الجنوب بسبب ماضيهم الدموي وفشلهم السياسي القديم وتعرض الحليف الجنوبي لانتكاسات خسر الكثير من رفاقه وتعاطف الجنوبين المسالمين والقوى السياسية الجنوبية وكذلك الحوثي في الشمال هو اليوم قادم على خسائر قد توقف تمدده وتفقده تعاطف شرائح واسعة من اليمنيين بسبب الحرب الأخيرة على دماج وتصادمه مع القبائل في اكثر من محافظة مما غير كثير من التحالفات والتوجهات سواء الشعبية والقبلية أو السياسية وعليها فإن على ايران؛ إما إقناع حلفائها بالسير في العملية السياسية جنوباً وشمالاً وإقصاء لغة العنف لتضمن الحضور الاستراتيجي مستقبلاً كما يحدث مع حلفائها في لبنان أو البحث عن حلفاء جدد لهم رصيد شعبي خالي من الماضي الأسود بدعهم سيكونون محل قبول اليمنيين وإلا فإنها ستجد نفسها تخسر اليمن حكومة وشعباً وفي نفس الوقت ستنتهي أوراقها تدريجياً وعما قريب.
وأخيراً أذكر مقالة لأحد السياسيين: لو أن أموال إيران وقيمة السلاح وتكاليف البعثات التدريبية والقنوات والصحف سلمت للخزينة اليمنية وأشرفت هي على توزيعها على الشعب بأكمله؛ لكان أنصار ايران في كل بيت من المهرة إلى صعده ولو أن السعودية قدمت ما تبذله للمشائخ وللحوثة وللحراك وللقبائل ولبقايا النظام ولتمويل أنصارها في اليمن قدمتها للحكومة اليمنية وقامت ببناء مشاريع خدمية واقتصادية تعود على الشعب لما وجدت ايران ولا الحوثي ولا أي من خصومها من يقف معهم ولما وجد سخط شعبي عليها.. نأمل من الجميع أن يعي بأن اليمن ليست الشام وأن الحكومة اليمنية ستفوت على الطرفين كل محاولات التسلط على اليمنيين ولن يصمد في اليمن إلا الفعل الصادق والدعم الأخوي الذي ينتفع به المواطن المحتاج لكل دولار ينفق بالمؤامرات أو الحروب والفوضى.
فؤاد الفقيه
على السعودية وإيران مراجعة حساباتهم في اليمن 1692