قدر الله لي أن أقوم بزيارة أخ لي خارج مدينة أنقرة عاصمة تركيا, هو الأخ إبراهيم, والذي كنت أنا وهو في زنزانة واحدة في إسرائيل يوم كنا في أسطول الحرية, ذهبنا إلى القرية التي تبعد حوالي ساعة من أنقرة "كزلجي حمام", وصلنا عصراً, دخلنا المدينة على صوت جهور عبر مكبرات الصوت, سأل المترجم أحد المارة: ما هذا؟.. قال: اردغان يخطب في مهرجان.. قلنا فرصة لنذهب ونرى.. لم نشاهد زحام الحراسة التي اعتدناها لأصغر شيخ في بلادنا, برغم أنه الرجل الأول في الدولة.. قطع المؤذن بأذانه لصلاة العصر خطاب رئيس الوزراء, الكل توقف لسماع الأذان, انتهى الأذان ليستأنف اردغان خطابه الذي كان مليئاً بلفظ الجلالة, لم لا وهو خطيب المعهد الإسلامي الذي درس فيه, وقد قال لي أحد أبناء قريته: يا شيخ اردغان غالباً يصلي الجمعة في قريتنا ويحضر المسجد ويجلس حيث انتهى الناس, وتراه يصلي فأحتقر صلاتي إلى صلاته..
نعم إنه صاحب دين.. استوقفتني جمل في خطابه تدل على عمق التفكير لديه, يتحدث بثقة لأنه صادق مع بني قومه, يتحدث عن تركيا كيف استلمها وكانت فقيرة تطلب المساعدة من الغير واليوم هي من تدفع للغير, عن تركيا التي كانت لديها 23مليار دوﻻر ديون واليوم هي مدينة للآخرين بالمليارات, ويفتخر أن احتياطي تركيا ما يقارب 120مليار دوﻻر..
ثم استطرد قائلاً بكل اعتزاز: السلطان العثماني عبدالحميد وضع فكرة ربط آسيا بأوروبا ونحن نفذناها اليوم بافتتاح مشروع مرمرة والذي بلغت كلفته 5 مليار دولار, وهو نفق القطارات تحت بحر مرمرة, وسنبدأ بالمرحلة الثانية نفق السيارات و.. وجملته الأخرى التي شدتنا إليه حين قال: نحن طلاب أستاذنا نجم الدين أربكان رحمه الله, هو الذي خطط لخدمة تركيا وحماية المسلمين ونحن سننفذ خطته..
ثم يقول: وخطتنا 71.. وكان الجمهور يصفق بحرارة وكان يرددها, فلما سألت المتجرم ماذا يعني بالرقم 71, قال: أحد السلاطين العثمانيين وضع خطة لفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية ونفذت بعد71عاماً.
يختم خطابه قائلاً: اليوم نحن نصنع الدبابة والغواصة والطائرة بدون طيار, نحن نصنع ما نريد.. ثم تم الإعلان عن فتح مشروع أنابيب الغاز الذي مد إلى تلك القرية، كل هذه الثمرات والمنجزات عمرها عشر سنوات سمان, لأن صاحبها صاحب دين.. والسؤال: ما منجزات العلمانيين خلال سبعين سنة؟.
والعجيب أن هذا المهرجان والعمل كان يوم السبت الماضي, يوم إجازة وليس لدى هكذا قيادات إجازات يضيعونها دون خدمة شعبهم.. فيا ليت قومي يعلمون ويعملون.
محمد بن ناصر الحزمي
هذا ما سمعته من اردغان 1661