;
د.حسن شمسان
د.حسن شمسان

سعة النفس المؤمنة.. تفوق سعة النفس المسلمة! 1283

2013-11-05 18:26:25


إن تكاثف الأحداث يولد ضغوطا نفسية على النفس الإنسانية؛ فالضغط أو الكبت هو شعور نفسي داخلي ينتج من عدم أدراك حقيقة الحياة الإنسانية أو قصور في فلسفتها، فغالب الإنسانية المسلمة تفهم الحياة أو تفلسفها أو تلبسها لباس الراحة والمتعة متناسية (أن لباس التقوى ذلك خير)..
من هذه الفلسفة المغلوطة والقاصرة للحياة يتولد الضغط النفسي عند الإنسانية المسلمة والتي تبرأ منه بعض الإنسانية المؤمنة (من المؤمنين رجال), فهناك نفوس يزداد ضغطها من إقلاق (بعوضة فما فوقها) وهناك نفوس تبصر في غطرسة الطاغوت انتفاخة الهر لتنطلق من فلسفة "إن جنتي في صدري فحبسي خلوة ونفي سياحة وقتلي شهادة"!..
هكذا عندما الإنسانية ترتقي قيما من الإنسان إلى الإسلام إلى الإيمان إلى الإحسان فهو ارتقاء ينتج عن اتساع النفس فتزيد سعتها وتتوقد إرادتها وتضيء قدرتها فتتغلب أو تتجاوز أشد أسئلة معادلة الحياة صعوبة، فلا تملك إلا أن تستلذها لأنها تجري وراء الصعب وتستلذه؛ فترى شدة النور فيما تراه أخرى ظلاماً حالكاً، وتلمس الدفء فيما تراه أخرى ناراً تلظى!.. فالفرق إذا كبير جداً بين وعيين أو فلسفتين: وعي وفلسفة يتوقان لتلك الضغوط فتمر عليهما كأنها ليست شيئاً يذكر وأخريتان يعلنان السقوط المدوي أمامها من مجرد همسها الضغوط لا لمسها أو نبض من دفعها. فنفس تأنس بتلك التي تسميها الأخرى ضغوطا وتتمناها وتستلذها؛ لأنها تدرك أنها لذلك خلقت؛ وهذا الإحساس إنما نتج عن وعي مرن تغير وتطور..
فعمر الفاروق إنما نال لقب الفاروق بعدما تغيرت فلسفته لحقيقة الحياة في ظل الإسلام، عمر المؤمن الذي أصبح يهمه سؤال الله له فيما لو تعثرت بغلة في العراق: لم تصلح لها الطريق؛ أصبح ينطلق من هذا الشعور الذي يعكس حساسية الشعور بالمسئولية, أو ضغط نفسي إيجابي دفعها لاستنطاق بغلة لا تشعر؛ وقد كان في فترة ما قبل الفلسفة الجديدة يدخل تحت سقف ثقافة (وإذا الموءودة سئلت) فدفن ابنته وهي تميط عن وجهه أو لحيته التراب.. إن حقيقة حياة الإنسان بعيدة عن الإسلام سراب!.
إذاً الضغوط تتكاثر على النفس الإنسانية حتى توهنها؛ لأن سعتها ضيقة لا تحتمل ومن ثم أي ثقل بسيط يجعلها ترتعش وتفقد اتزانها، وأغلب الإنسانية مجمدة العقل لا تدرك أن النفس الإنسانية قابلة للاتساع إذا ما قبلت التحديث والتغيير والارتقاء؛ فكلما ارتقت الإنسانية قيماً صوب السماء كلما منحت ذلك الاتساع المرن الذي لا ينكسر من أو صدمة أو يقع من أول دفعة, بل يمتص كل الصدمات وكل الدفعات وكل العداوات، لتتحلى وتتعالى بثقافة "ماذا يريد أعدائي مني! إن جنتي في صدري (وليست في جيبي) فحبسي خلوة ونفي سياحة وقتلي شهادة".. وأصبحت تعيش فلسفة "تمنيت لو كان لي مائة نفس لتزهق نفساً نفساً في سبيل الله".
إن النفس المؤمنة تغوص في الأعماق فتدرك لبَّ الحياة وجوهرها ولا تقف عند أو حول القشور ملاصقة لها فوقها أو تحتها. والذي ليس له القدرة على استيعاب الجديد فهو ذلك السطحي الجامد الذي لا يُحدِّث وعيه ينال الآخرون من عيِّه.
إن فلسفة الحياة من مقصد قرآني يجعلنا ندرك دلالة قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فهناك نفس محسنة تتسع لك شيء وتتجاوز كل العقبات وتحل أشد الأسئلة صعوبة فتحتل الذروة من الإسلام والفردوس الأعلى من الجنة، "وذروة سنامه الجهاد".. وهناك نفس تتسع للصلاة فتضل ملتصقة بعمودها ولا تتوق نفسها إلى الذروة، وهناك نفس أخرى لم يتسع وعيها فاتسع بدل عنه عيّها لتتصلب وعلى التغيير تتغلب فلا تملك إلا أن تصلب، فتسقط عند اسهل نقطة امتحان في طريق الدنيا الطويل، تلك النفس التي لا تمتلك الثبات المرن بل يغلبها التصلب الحرفي فتسقط عند أول هزة أو ارتعاشة أو دفعة أو هبة رياح (ومن الناس من يعبد الله على حرف) لا تستطيع قدماه تحمل أدنى ضغط فيسقط مباشرة على وجهه (خسر الدنيا والآخرة).. لا أقصد أن النفس المؤمنة لا تشعر بالضغوط, لكنها تستثمرها بشكل صحيح فتحولها طاقة نور تضيء للإنسانية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد