إن الحوثيين يحاولون استحضار التأريخ الماضي الذي حكم به الأئمة اليمن باسم الحق الإلهي ،والذين رسخوا تقسيم أسر اليمن الشمالي طبقياً و جعلوا أنفسهم سادة ،والطبقة الثانية قضاة ،والطبقة الثالثة قبائل عرب وووو ألخ، وقد ثار عليهم الشعب اليمني بثورة 26سبتمبروتخلص من هذه الهرطقة المستوردة من فارس، والآن استغلوا ثورة 11فبرائر السلمية وعملوا على إعادة الأنشطة الدينية التي كانوا يضحكون بها على اليمنين، ومن هذه الأنشطة الغدير الذي يضحكون بها على الجهلة والمغفلين والعاطلين، بالاعتماد على مشروعية حديث كتب أثناء الصراع السياسي على من له أحقية الحكم- وهو يتيم- مؤداه أن (( الرسول صلى الله عليه وسلم قال:" من كنت مولاه فعلي مولاه "، ويستنتجون من هذا الحديث أن السلطة محصورة في البطنين، والبطنان هما: أنسال الحسن والحسين من أبناء فاطمة ،وهم من أبناء فاطمة ، ورغم أن هذه المقولات التاريخية قد تجاوزها العصر، إلا أنها لا تزال فاعلة ومؤثرة عند العقول الكهفية ،والجاهلة ،بل وعلى مستوى الفكر والعمليات في القرى الجاهلة وشديدة العزلة والتخلف ،كبعض نواحي صعدة ،وبعض المناطق المجاورة لها ،ومع هذا لو جاريناهم وقلنا لنبحث في حديث الغدير فسنجد أنه من يقرأ سند هذا الحديث سيجد أنه لم يرد في الكتب المعتبرة ولم يذكر ولم يحضر في الوقت الذي كان لابد أن يذكر كضرورة شرعية تقتضيها إظهار البيان في وقته سواء أثناء موت الرسول- صلي الله عليه وسلم- أو أثناء المشاورة على من يحكم في تاريخ الخلفاء الأربعة ،أو أثناء الخلافات والحروب ،ورغم الضرورة الملحة للحديث أثناء الصراع السياسي، وعلى افتراض صحة سنده ووجد في الكتب المعتبرة فان متنه يخالف نصوص القرآن وأصول الدين ،ويخالف العقل ،والمنطق ،والفطرة ،والواقع ،وهذا الحديث المذكور الذي يبحث الحوثي فيه عن مشروعية سياسية ليحكمنا كما حكمنا أجداده من قبل ،ويريد أن يقيم عليه مشروعيته اليوم، أن هذا الحديث لا صلة له برسول الله صلى الله عليه وسلم لا من قريب ولا من بعيد، وهو من مظاهر صناعة الأحاديث التي وضعت في صدر العهد الأموي المفعم بالصراعات السياسية الباحثة عن الشرعية السياسية باسم الدين ،أن الحركة الحوثية ليست على شيء، ومشروع الحوثية هو مشروع سياسي لا يستند إلى أي أساس ديني، وكل ما يفعله الحوثي هو محاولة الوصول إلى السلطة على أكتاف علي بن أبي طالب، مستغلاً ضعف وهشاشة الدولة ،والتحالف مع صالح ، وصعود الدور الإيراني في المنطقة ،وحالة الجهل والتخلف في مناطق القبائل ،التي جهلها مشائخها وجعلوا كل الناس عساكر مع الشيخ ،ووجود الجهل الرهيب في بعض نواحي محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها ، وما يفعله الحوثيون اليوم يدل على سياسية قصيرة النظر تجعل من الحركة الحوثية محصورة ثقافياً وجغرافياً ومضادة لثقافة وإرادة الأغلبية الساحقة في المجتمع الصعداوي، ناهيك عن الشعب اليمني الذي ينظر لهذه الحركة بريبة شديدة الحساسية، وبالتالي لاحظ لهذه الحركة من التوسع والنجاح..
والأجدر بالحوثيين أن يقفوا مع نفوسهم وقفة عقلاء ، وأن يحكموا عقولهم ، وأن يتحرروا من هذه الهرطقة ، وأن ينبذوا السلاح والعنف، وأن يتحولوا إلى حزب سياسي يمارس عمله في إطار الدستور والقانون، فذلك أضمن لبقائهم واستمرارهم, فاليمن ليست لبنان وهم ليس حزب الله.. والله الموفق
محمد سيف عبدالله
الحوثيون بين طموح تصور الحق الإلهي ومتغيرات الزمان والمكان 1293