الحالة المخاضية والتنقيحية التي تعيشها مصر تنبئ عن خير جمٍ وإن تأخرت الولادة المكتوبة لها وتجاوزت الأعراف السائدة لمواعيد الوضع المدونة في قاموس التاريخ الثوري!، وعادةً ما تحدثني نفسي إزاء ذلك التأخر في حسمِ المتأخر: اترك عنك مثالية أفلاطون وابتعد عن استحضار الرفيق ماركس في نظريته الثورية عندما ينتفض الفقراء آخر الأمر" عش واقعك الذي يراه كل ُمفقوءةٍ عينيه! " فأجيب بلسان المسن الذي لاكته الحياة: كل مفقوءةٍ عينيه يا نفسي يرى كما ترين إما بجهل المتخلف أو بكبرياء الطاغية !، وكلاهما يؤديان إلى نتيجةً واحدة هي الجهلٌ بالحقيقة الواقعة فالجهل بمخرجاتها!، وعليه فإن من يستحضر دون تعمق وبلا سبر ما يجري من أحداثٍ بمصرنا الحبيبة سيمر على كل هذه المحطات التي قد يَظهر للمستعرض إياها أنها مأساوية وقاتلة لكل دواعي الخير والأمل بعودة الحق وأهله إلى مكانهما الطبيعي الذي استحقاه؛ وعلى من يرى منذ الانقلاب وحتى قراءة هذه الكلمات بتلك النظرة القاصرة أن يتودد إلى المتفائلين حتى يقترب منهم؛ ليمنحوه دفعةً إيمانية مفادها: بعد كل لقمةٍ علقميه يتذوقها الشعب يكمن مذاق الحلاوة المخيفة في لب كل ألمٍ مضى ولا يزال يغادر، وعند حواف الهلاك المستبطن - بقاءً -لا يسع الكرامة ومذاقها الشَهدِي إلا أن تكون هي الباقية لا سواها !، وقد يقول قائل: أتحدثا عنك عن أبي المتفائلين قال: أخبرنا الناظر بعمقٍ إلى نهايات الأحداث عن أبيه أن جده قال: إن الأحداث في مصر تنبئ بخير! مع أن ما يهدر على مسمعنا وأمام عيوننا لا يبشر بخيرٍ بل ينذر بالويل والثبور فيأتي فيه ذكورٌ وإناثٌ لا يعرفون من مناسك الحياة المتضاربة بالخير والشر ومحتومية اجتماعهما معًا أي خيرٍ سوى أنهم يجيدون الشر بكل قبيحة وسيئة ليطالبوا بإسقاط رئيس محترم ويبنون على ريعه دولة همج ورعاع ليقول رئيس حركة تمردهم مؤخرًا " محمود بدر " الملقب بـ: بانجو: " أنا إذا سمعت سورة( طلع البدر علينا )بكيت بحرقة "!،حيث يُظهر بذلك جهله بالقرآن الكريم جهلا مقززًا فيكون مع أمثاله بعد الانقلاب ضمن لجنة تعديل الدستور المصري! فيما إحدى عمالقة فنهم تقول في إحدى المقابلات التلفزيونية التي استضيفت فيها؛ فبهرتنا بتحليلها السياسي الذي غطت فيه على عمالقة المفكرين العرب ثم هي تدهشنا أكثر عندما اكتشفنا أنها مؤرخةٌ ومدونة في علم الحديث بقولها أي الفنانة الشيخ "يسرا" إن: عمرو بن العاص أحد الأربعة المبشرين بالجنة ! " برواية علي جمعة عن الفريق السيسي طبعًا!"،أوا بعد هذه المهزلة تقول: الأحداث في مصر تنبئ بخير؟! أيعزل رئيسُ منتخبٌ انتخاباتٍ حرة نزيهة ليحل بدلاً عنه بانقلابٍ دموي قاتلٌ بزي العسكر وتقول: الأحداث في مصر تنبئ بخير؟!، أيقتلُ الجيشُ الوكيل لإسرائيل ( الجيش المصري ) خلال يومٍ واحدٍ "خمسة آلاف "مصري اعتصموا في رابعة والنهضة وبعدهم وقبلهم مئات مسالمين دون أن يسمحوا لأنفسهم باقتناء أبسط مقومات المقاومة بينما القنوات المصرية المزورة تشيع أن المعتصمين يمتلكون في اليادين مخازن تكتظ بمختلف أنواع الأسلحة " الخفيفة والثقيلة "ثم نحن نرى الأبرياء يُقمعون مع أبنائهم ونسائهم أمامنا على شاشات تلك القنوات الدموية- نفسها- لا يحركون ساكنًا رافعين إيمانهم بربهم وبقضيتهم سلاحًا فتاكًا ثم أخيرًا هم يمزقون ويسجنون وتأتي لتقول لي: الأحداث في مصر تنبئ بخير؟!، أيصل الأمر إلى اقتحام المساجد وقتل المصلين والمصليات وسحلهم في ساحات المساجد واقتحام حرم الجامعات والكليات وقمع طلابها وشبابها المثقف المستنير بعد أن عرفنا واختزنت قناعات قناعاتنا أن حرمةَ هذين المكانين لا تساويهما حرمةً بالترتيب؟!، أيتفاقم الخبث إلى الإمساك بعلماء الدين الربانيين والتشهير بهم على منظرٍ ومسمعٍ من الجميع من قبل شباب مدخنٍ محششٍ من قوى العلمانية والقومية في نهار رمضان؟! أتغلق كل القنوات والمنابر الإعلامية ويتم اعتقال وتعذيب رجالها وقائدي توجهاتها بحجة أنهم يمارسون إرهابًا خطابيًا - وهو كذبٌ مفتر- بينما كانت حرية القلم والكلمة متاحةٌ بشكلٍ مدوٍ أثناء حكم مرسي وكانت تقوم كل القنوات المناوئة والمعادية للإسلاميين وحكمهم بتجاوزات فادحة في تأليبها ليل نهار على حكم مرسي كذبًا كما يتنفس أصحابها وكل ذلك بفضل الترسانة الإعلامية الضخمة المتجذرة في أعماق الدولة الفلولية التي صرفت لمقدمي مثل هذه البرامج والنشرات المفترية ملايين الجنيهات بل الدولارات - فقط - من أجل أن يعملوا على تشويه الصورة الإسلامية السياسية والدعوية أمام الشعب المصري فكان من نتاج ذلك الدعم غير المشروع بزوغ إعلاميين لا شرعيين أمثال" باسم يوسف " الذي وصل به التجاوز أن يتعدى على شخص رئيس الدولة ويسخر منه بشكلٍ بذيء للغاية ؟ لا لا ليس هذا فهذا أكبر ما يهون، بل وصل به الحد وبمن عُرف بـ:إبراهيم عيسى وغيرهما من المذيعين والمذيعات - القدوات - أن يقدحوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويسيئوا إلى الإسلام وإلى الذات الإلهية - في بعض المواقف- وإلى آداب وتشريعات الإسلام الحنيف، أبعد هذا تقول لي: الأحداث في مصر تنبئ بخير؟!، أيتم استبدال وإلغاء جهابذة الدولة من مستشارين وسياسيين وقضاة ومفكرين... إلخ كانوا هم الحلقة المتكاملة في صياغة الدستور المصري بشريحة من الشباب الأضحوكة اللذين لا يملكون أي كادر أو خبرة في أي مجالٍ يذكر؟ أيتم استبدالهم بمجموعة من حثالة الفن أشكال أحمد بدير وليلى علوي ليشرفوا على صياغة الدستور المصري الجديد؟! فأي دستورٍ ينتظره شعب مصر وشبابه من هؤلاء؟! أي دستور؟! أيُستخدم لعاق العبودية السلطوية من حكام الدنيا في صناعة الانقلاب والإشراف على استمراره بإصدار فتواهم المجرمة ضد المسلمين وتبشير السيسي بكل تعدٍ سافر أن هناك أحاديث متواترة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبارك كل ما يقوم به من ذبح بحق الشعب المصري وتحرضه على قتل المزيد والمزيد من المسلمين بل أصبحت تبارك ذلك بعد كل مجزرة ومذبحة تقترفها يد الجيش الآثمة، وكل ذلك يتم بإشراف بابا الكنيسة وترتيبات أعوانه! وتقول لي: الأحداث في مصر تنبئ بخير؟! أيوقف بعد الانقلاب مشروع قناة السويس الذي كان قد بدأه مرسي والذي كان سيُدِر على مصر مائة مليار دولار سنويًا وإلى جانبه إيقاف المشروع القومي المصري لاستصلاح الأراضي الزراعية الذي تم البدء فيه والذي كان بإمكان مصر من خلاله نيل استكفائها الغذائي خلال سنتين في ظل أن الجميع يعلم أن مصر أكثر دولة في العالم تقوم بعملية استيراد للقمح ؟! وتقول: الأنباء في مصر تنبئ بخير!، أيتم طرد اللاجئين السوريين والفلسطينيين من مصر بعد أن نالوا استقبالاً كريمًا وحياة أكرم في عهد مرسي؟! ويتم اتهام مرسي بتهمة التخابر مع حماس المجاهدة ضد الكيان الإسرائيلي مع أن هذه التهمة لا تعلن إلا من قبل الصهاينة فحسب؟!، أيتم إغلاق جميع المعابر بين الحدود المصرية الفلسطينية وتدمير الأنفاق الأرضية التي كان عن طريقها يدخل الدواء والطعام والسلاح للفلسطينيين المرابطين في أرض غزة؟! أيهدد قائد الجيش المصري الميداني الثاني " أحمد وصفي " بطمس الفلسطينيين من الأرض ويتهمهم بالإرهاب بعد أن كانت فلسطين وقضيتها قضية مصر الأم؟!، أتخترق الطائرات الإسرائيلية في عهد الانقلاب الأجواء المصرية وتقتل الأبرياء المصريين بتواطؤ وتخطيط من الجيش المصري بعد أن مرغ مرسي أنف إسرائيل وأمريكا في التراب وأدخل القوات المصرية إلى أراضي سيناء المتفق على أن تكون أراضٍ خالية من كلي السيطرتين المصرية والإسرائيلية بنص اتفاقية كامب ديفيد التي أبرمت في عهد الرئيس المصري " السادات " مع الرئيس الإسرائيلي " مناحيم بيغن " والتي وصفت آنذاك بـ: بمذبحة التنازلات؟! وتقول لي: الأحداث في مصر تنبئ بخير ! أيأتي مرسي إلى الحكم والاحتياطي النقدي المصري لا يتجاوز 15 مليار دولار مثقلاً بسرقات واغتصابات نظام مبارك وبعده المجلس العسكري ما يؤدي إلى انهيار محتم لأي نظامٍ يتولى حكم بلدٍ كمصر بعد مبارك ثم هو يدير الأمور بكل توازن واقتدار ويرفع الاحتياط النقدي في أقل من سنة إلى 19 مليار دولار رغم المكايدات المحبوكة لإفشاله وإفشال جهوده ثم يعزلُ مرسي ويأتي من يسرق في أول أسبوع له 2 مليار دولار وتلجأ بعد ذلك الحكومة الانقلابية إلى الاستدانة من بنك النقد الدولي مبالغ هائلة رغم الصدقات الجارية من الحكومات الخليجية والتي أيقظت بغزارتها الميت من قبره ليشهد التوزيع ولولاها لكانت مصر اليوم أسوأ بكثير مما هي عليه ؟! أبعد أن كان وزراء الإخوان لا يتجاوزون الخمسة وزراء في حكومة قنديل إبان حكم مرسي فيما مَنَحوا بقية الوزارات الخمسة والعشرين الباقية لنظرائهم السياسيين من مختلف التوجهات اليسارية وغيرها؛ أبعد ذلك يُتهمون أنهم: إقصائيون، ثم ها هو الانقلاب يأتي ويستولي على كل شيء بإقصاء التيارات الإسلامية من كل شيء حتى من التحدث بل حتى من حقهم في الحياة والحرية؟! أبعد هذا والأحداث في مصر تنبئ بخير! أيصدر حكم قضائي بتبرئة مبارك من كل جرائمه وكبائر ذنوبه التي ثبتت بالشيوع والشهرة والاستغناء الأدلة مع وجودها وتعمد إخفائها!، وفي أقل من شهر يحكم على قيادات الإخوان بأحكامٍ عدة في قضايا مكذوبة ملفقة الجاني نفسه يعلم أنهم أبرياء منها كبراءة الذئب من دم يوسف؟! أكل هذا وتأتي لتقول لي: الأحداث في مصر تنبئ بخير !أشكرك صديقي المضطرب واسمع مني لأقول لك: إنه الشعبُ الشعبُ يا رفيق وإذا أردتَهُ أن يتحولَ إلى أسد بجلد غزالٍ ناعمةٍ ليمارس معك هيجانه التحرري بسلمية ظاهرة فحاول أن تصادر حرية رأيه وتوجهه المحترم وأشعلْ فتيل غضبه أكثر بالتعدي على دينه أو عرضه أو أرضه؛ ثم انظر بعينيك هذه الغزالة كيف ستتحول أمامك إلى أسد كسوحٍ يلتهم كالموج الهادر بالمياه أركان المحيط المتلاطمة ذراته فيه، ولتعلم أن الحرية التي نسعى إليها اليوم يا رفيقي حريةٌ من نوعٍ آخر تفنن الجلاد في صنعها لنا مع كل خيطٍ احمَر على ظهورنا واحلولب!، إنها حريةٌ تكدست مفاعلاتها الخارقة بكل ما ذكرته لك وأكثر مما ذكرته لا زال في جعبتها - هي - وسينفذها أصحابها لتكمل لنا أجمل قصةٍ مشهودةٍ لأجمل فتيلٍ دق ناقوس لهيب اشتعاله على أبواب الطغاة العملاء فأحرقهم وخسف بهم وبدارهم الأرض .
عبدالرحمن جابر
إن للنصر لسكرات ! 1231