لا تقاس حياة الإنسان منا بعدد السنين التي يعيشها, بل في طريقة العيش لتصريف أمور الحياة ضمن هذه السنوات, فكم من حياة قصيرة عريضة ثرت الينابيع كانت أنفع وأمتع من حياة ضيقة تدفن أمانيها رمال الحرمان وتملاً أيامها الآلام والأسقام, وكم من فتى شاخ ولم يبلغ الأربعين من عمره لما اعتوره من أتعاب, وما ران على نفسه من هم وغم.. وكم من أناس عمروا حتى بلغوا المائة وحافظون لمرحهم وحيويتهم ونشاطهم. لقد دأب العلماء على تقصي أسباب الموت وجاهدوا ومازالوا يجاهدون في سبيل إبعاد شبح الموت وإطالة العمر, وقامت بعض المؤسسات الصحية في الغرب بتجارب عدة من أجل تجديد شباب الإنسان وإطالة حياته باستخدام طرق علاجية حديثة, لكن نتائج تطبيق هذا العلاج كانت غير مرضية ولا مشجعة. لقد تقدم الطب وخطا في سبيل تخفيف آلام الإنسانية خطوات واسعة واكتشفت عقاقير وأدوية كثيرة من شأنها القضاء على أكثر الجراثيم الممرضة الفتاكة.. ولكن عناك عدة أمراض جرثومية تودي بالحياة وتأخذ بيد الإنسان إلى عالم الفناء دون أن يكون للجراثيم دخل في ذلك, ومن جملة هذه الأمراض تصلب بعض أعضاء الجسم وتوقفها عن المضي في عملها وقصورها في أداء مهمتها, كتصلب الشرايين وتشمع الكبد وقرحات المعدة والسرطان وغيرها من الأمراض التي تنتاب المرء نتيجة جهده في العمل أو انحرافه عن قواعد الصحة أو مخالفته الغرائز وقوانين الطبيعة. ويخطئ كل من يعتقد أن الحياة لا تستنفذ من المرء قواه وحيويته, فليس من المعقول احتفاظ الإنسان بنشاطه وقوته حتى بلوغه السبعين من العمر, إلا إذا اتبع شروطاً معينة طيلة أيام شبابه ونحن نعيش في وسط لا يقيم وزناً للطاقة البشرية ولحيوية الشباب فننفقها في أيام القوة مستمتعين بالحاضر, حاضر الصبا والنزوات, حاضر الشباب والملذات غير مدخرين لشيخوختنا من طاقتنا شيئاً.. فإذا بلغنا السبعين استنجدنا باحتياطنا من القوى فافتقدناه ولم نجد منه بقية.. وإذا رأينا بعض الشيوخ موفوري النشاط لا يشكون فتوراً أو ضعفاً, فذلك لحسن تنشئتهم الأولى واحتفاظهم بمدخراتهم أيام الشباب وقد تبين للعلماء نتيجة للدراسات العلمية ضرورة إعفاء كل من بلغ الستين من عمره من الخدمة, كي يستريح من عناء الأعمال المضنية المرهقة, ولقد سنت الحكومات قوانين تحيل بها كل من بلغ هذه السن على التقاعد, فاسحة له المجال والفرصة كي لا يحرق جميع قواه ويستنفذ كل حيويته حتى تتاح له حياة وادعة هادئة لا يعكر صفوها المرض. ولقد أجمعت آراء الأطباء والعلماء على تسمية بعض الوسائل الصحية التي من شأنها جعل الإنسان يعيش في صحة وعقل وراحة جسم دون أن تعكر صفو أيامه آلام أو ينغص عليه حياته كرب أو سقم وخير هذه الوصايا هي: أولاً: الابتعاد عن تناول السموم المغرية المكيفة كالكحول والتبغ والقات. ثانياً: الاقتصار في الأطعمة على الفواكه والسلطات واللبن والخضار دون اللحوم التي تترك فضلات من شأنها تسميم الجسم. ثالثاً: الترويح عن النفس بزيارة الأماكن الطبيعية والمناطق السياحية حيث الماء والخضرة والارتماء في أحضان الطبيعة بعيداً عن جو المدينة المليء بالصخب والإزعاج والهواء الملوث وذلك كلما كانت الفرصة سانحة.
د.عبدالسلام الصلوي
كيف تجدد شبابك وتطيل حياتك؟ 1518