;
خاطر مقبل الفيصلي
خاطر مقبل الفيصلي

الفيدرالية بين مطرقة أخطاء الماضي وسندان سيناريو الحاضر والمستقبل!! 1484

2013-10-30 17:27:58


 الفيدرالية: هي اتحاد بين دولتين أو أكثر تتنازل فيها هذه الدول عن جزء من سلطاتها وصلاحياتها (سيادتها) الداخلية وكامل سيادتها الخارجية لصالح هيئة التعاهد والتحالف عاصمة الدولة الفيدرالية. وتجدر الملاحظة أيضاً إلى أن الدولة الفيدرالية ترتبط عموماً بظروف معينة أهمها اتساع مساحة الدولة مما يجعل من الصعب حكمها حكماً مركزياً، ووجود عرقية تعددية وثقافية ودينية تتطلب الاعتراف بها، وكذلك وجود ظروف تاريخية تتمثل في ظاهرة الاستعمار الذي تسبب في تمزيق الوحدة الداخلية من خلال سياسة (فرق تسد)، وذلك إضافة للرغبة في إقامة نظام يتسع بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية أو الممارسة الديمقراطية من خلال مبدأ تفتيت السلطة وتقسيم الثروة بين المواطنين في مختلف وحداتهم الداخلية.. ويمكن القول أيضاً أن خيار الدولة الفيدرالية لا يتأثر بنوعية النظام السياسي القائم في الدولة أو الذي سيتمخض عن الحوار الوطني سواء كان رئاسياً أو برلمانياً.. وقد صحت المقولة التي تقول (من لا ماضي له لا حاضر له).. ورغم خطابات النخب السياسية الحاكمة والمعارضة والمثقفين والسياسيين عن ترك مخلفات الماضي وفتح صفحة جديدة، إلا أننا لا نستطيع أن نترك وننسى الماضي بإيجابياته وسلبياته، فما يحدث في الحاضر الآن هي بسبب أخطاء الماضي وعلينا اليوم أخذ العبرة من الماضي والاستفادة منه في الحاضر والمستقبل. ومن أخطاء الماضي أن الجنوبيين والدولة الجنوبية (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) تسرعوا وهرولوا لطلب الوحدة الاندماجية وبالرغم من حسن نواياهم، إلا أنهم لم يشترطوا أن تكون هذه الوحدة برعاية أممية (الأمم المتحدة) ومن خلال مجلس الأمن التابع لها، حتى تكون هذه الاتفاقية ملزمة لجميع الأطراف ومن خالف مضمونها ومبادئها سيتعرض لعقوبات دولية ويواجه المجتمع الدولي، وفي عام 94 قبل الحرب تحاوروا فيما يعرف بـ (وثيقة العهد والاتفاق) التي وقعوا عليها في الأردن في 18 يناير 1994م، والتي ينص مضمونها بأن تقسم اليمن من أربعة مخاليف أو أقاليم إلى سبعة مخاليف أو أقاليم، ووقع عليها معظم القوى الوطنية آنذاك، لكن الخطأ أنها لم تلامس الواقع ولم تطبق، وهذه من أخطاء الماضي. ونحن نعرف أن بعض الدول الفيدرالية في العالم مثل الولايات المتحدة الأميركية وغيرها لم تظهر فجأة وبمحض الصدفة إلى حيز الوجود، بل كانت عبارة عن دويلات تعاهدت وتحالفت في العديد من الجوانب الاقتصادية والثقافية والتجارية، بمعنى كانت كونفدرالية منذ استقلالها عام 1776م، وبعد أن تقوت روابط العلاقة السياسية والاقتصادية والتجارية وروابط المحبة والثقة والصداقة بينها تحولت إلى فيدرالية عام 1787م، وكذلك سويسرا (الاتحاد الكونفدرالي السويسري 1815- 1848م)، ولكن ما حصل في اتفاقية وحدتنا هو خطأ فادح بين شطري اليمن، حيث كان الجو مناسباً وملائماً لوجود دولة فيدرالية لاسيما واليمنيون يعرفون أن روابط المحبة والمصداقية والثقة والتجاذب والسلام كانت موجودة، لذلك خسرنا نحن كيمنيين فرصة تاريخية لإنشاء دولة فيدرالية، والتي كانت ستضمن وحدة اليمن إلى الأبد، ولن نسمع صوت واحد مطالب بالانفصال.. أما اليوم فنحن نخاف من الفيدرالية على الوحدة الوطنية, لاسيما وقد تفككت إلى حد ما تلك الروابط بين الشماليين والجنوبيين، وتحولت المحبة إلى كراهية والثقة إلى لا ثقة والتجاذب إلى تنافر وعداء، ويرجع هذا بسبب تصرفات وسلوك النظام السابق تجاه الجنوبيين بشكل خاص وتجاه الشعب اليمني بشكل عام هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى أخطاء الجنوبيين أنفسهم عندما تسرعوا ولم يضًمنوا ويشترطوا في اتفاقية الوحدة أن تكون برعاية أممية (الأمم المتحدة)، وأن يتم إعلان دولة فيدرالية بعد فترة وجيزة مثل وثيقة العهد والاتفاق التي لجئوا إليها هم وبعض الشماليين عندما عرفوا سوء نية وألاعيب النظام السابق، فكان الأجدر بواضعي هذه الوثيقة أن تكون من ضمن مبادئ وبنود اتفاقية الوحدة بين الشطرين، ولكنهم تأخروا، وهذا خطأ على الجنوبيين والشعب اليمني الاستفادة وأخذ العبرة منه حاضراً. وأتحدث للجنوبيين اليوم الرئيس منكم، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع منكم، وهناك معالجات لحل قضيتكم، منها إعادة المتقاعدين العسكريين المسرحين قسرياً إلى الخدمة، واستعادة الأراضي المنهوبة، وإنشاء صندوق تعويض لشهدائكم السلميين، وما لم يتوفر بالماضي من رعاية أممية ودولية، يتوفر اليوم برعاية أممية وإقليمية من خلال إشراف إقليمي من جميع الدول الخليجية، وأممي (مجلس الأمن والأمم المتحدة). وعلينا ألا نكون برجماتيين نحاول خلق شكل أو نظرية فيدرالية جديدة لليمن، وكذلك لسنا مقلدين لفيدرالية بعينها ولكن علينا اخذ الإيجابيات والسلبيات من تلك الفيدراليات بما يتواءم ويتوافق مع خصوصيتنا الجغرافية والثقافية والاقتصادية والسياسية وشريعتنا الإسلامية. ومن وجهة نظري أن وجود دولة فيدرالية بإقليمين شمالي وجنوبي فقط، سيثير مشاكل في المستقبل، وذلك لأن هناك محافظات ومناطق شرقية وغربية ووسطى، ووجود هذين الإقليمين سيختزل كل هذه المناطق والمحافظات فيهما، والتي تمثل أكثرية سكانية، وهذا سيؤدي إلى تقسيم غير عادل للسلطة والثروة، وشعور بالغبن والظلم لدى أبناء هذه المناطق والمحافظات، مما قد يولد مشاكل وحراك في المستقبل على غرار ما حدث في بعض المحافظات الجنوبية وبعض المناطق الشمالية. ومهما اختلفت النخب السياسية في الحوار الوطني عن عدد الأقاليم وكيفية توزيع السلطات والاختصاصات، فيجب عليهم أن يدركوا كما قلنا بأننا لسنا برجماتيين ولسنا مقلدين، وعليهم أن يعرفوا بأن هناك ثلاث طرق أو قوائم لتوزيع السلطات والاختصاصات بين الحكومة المركزية وحكومات الوحدات المحلية في كل الفيدراليات في العالم وتتمثل في الأولى بتحديد قائمتين بالسلطات والاختصاصات إحداهما للحكومة المركزية، والأخرى لحكومات الوحدات الداخلية وهذه الطريقة نادرة جداً.. والثانية تحديد قائمة واحدة بالسلطات والاختصاصات التي تعطى إما للحكومة المركزية وترك ما تبقى منها للوحدات الداخلية، كما هو الحال في دساتير الولايات المتحدة الأميركية، وسويسرا، والاتحاد السوفياتي سابقاً، أو للوحدات الداخلية وترك ما تبقى للحكومة المركزية مثال كندا.. والثالثة تحديد ثلاث قوائم للسلطات والاختصاصات إحداهما للسلطة المركزية والثانية للوحدات الداخلية والثالثة مشتركة بين الطرفين، بينما ما تبقى من سلطات واختصاصات إما للحكومة المركزية أو للوحدات الداخلية مثال الهند. وعلى المتحاورين أيضاً أن يقرؤوا ويدرسوا دراسة بحثية علمية موضوعية ودون تحيز أو انحياز مناطقي أو مذهبي أو حزبي إذا فكروا بتلك الدراسة والقراءة لتلك الفيدراليات وأخذوا الجانب الإيجابي وتركوا الجانب السلبي، وهم مسئولون أمام الله وأمام الشعب والتاريخ للحفاظ على الوحدة.. ونتفاءل اليوم بالقيادة الحكيمة والنخب السياسية التي تسًير هذه المرحلة بأنهم سيحافظون على الوحدة وعلى أمن واستقرار اليمن، وسيذكرهم التاريخ والأجيال المتعاقبة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد