شخصياً لا أعرفه ولم تتكحَّل عيناي برؤيته لكنَّه "كلفوت" إسمهُ قرين البرق في الَّلمعان ولا أعتقد أن هناك يمنياً واحداً لا يتمنى أن يمد الله في عُمره حتَّى يرى كلفوت وراء القضبان والقاضي يصرخ بصوتٍ مُجلجل "محكمه" ويُصدر في حقه عقوبة الإعدام ولا بأس بعد ذلك أن يتمَّ توقيف التنفيذ والإفراج عنه وترقيته من مواطن إلى رُتبة عميد واحتساب فترة خدمته مُنذ أن شرع في تدمير أول برج وإعادته للخدمة كـوكيل أول للكهرباء بدرجة وزير.. طبعاً كُل ذلك ليس من أجل عيون كلفوت العسلية بل من أجل إنجاح الحوار, ولكم كانت خيبة أمل الجماهير عظيمة حين تبيَّن عدم صحة خبر إلقاء القبض عليه في المحويت وأكَّد اللعين بضربه الأبراج وإغراق المُدن في الظلام أنَّه مازال طليقاً وحياً يُرزق وهو يُباشر عمله بكُل دِقَّة فلا هو ينام ولا يدعُ أبراج الكهرباء تنام, ويبدو أنه عاشق حتى الثمالة لكل أنواع الظلام فـ لله درُّه حينَ يُدمِّر الأبراج العنقاء ولله درُّه حين يعجزُ البصَّاصون والعَسس والمَسس وكل القوات عن وقفه عند حدِّه ولا نامت أعينُ الجبناء؛ وإن كان هُناك من شيء يَحـز في النفس فهو مصير اليد الحديدية للدفاع والأمن التي تحولت ـ بأفعال كلفوت ـ إلى "يد مطيطية" فما أن يضرب كلفوت الأبراج حتى تُشنِّف أسماعنا اللجنة الأمنية بكلمات الوعد والوعيد التي تَختتم بالقول (سنضرب كلفوت بيد من حديد إن أعاد الكرة).. وما إن ينتهي التهديد حتى يُعيد كلفوت الكرَّة ويُحول الحديد إلى مطيط مرةً أخرى دون احمرار لأي من وجنتي الدفاع أو الأمن..! وجُلُّ ما أخشاه أن يُطالب مؤتمر الحوار بفصل أبراج الجنوب عن أبراج الشمال "المتخلفة "مع النَّص على منح أبراج مأرب حقَّ تقرير المصير في حال أنشئت الحكومة محطةً غازية في ذمار.. وفي حقيقة الأمر لم أعد أدري ماهي وضيفة القوَّات المُسلَّحة والأمن! أمريكا تَكفَّلت بحرب القاعدة, وإمارة الحوثيين لم تعُد هنا, فكلها في طهران, يا هؤلاء أعجزتم أن تتكفَّلوا " بكلفوت"!؟ على ماذا يدفعُ لكم الشعب دمَ قلبه! غير أنَّي وصلتُ لقناعة أن الروح الوطنية لمؤسستي الدفاع والأمن مُخلخلة مشظاه كالبلُّور المكسور؛ وأنَّ هُناك شيئاً ما يفرغها من فاعليتها المعنوية ومحتواها المادي حتَّى وصل بها الحال أن يعبث بها كلفوت كُل ليلة ويُغرق اليمن في ظلام دامس وسكونٌ مُريب عدى أضواء الشموع وأنغام المواطير!! كلفوت.. أصبح أسطورة, مثله مثل أباطرة الجآن لكن ليس بأفعاله..! بل بتخاذلنا الذي يُغري بوضعه الأموات فضلاً عن الأحياء ولقد تفضَّلت "الصين" مشكورةً بالقول إن لديها الترياق الناجع لحل إشكالية الكهرباء ولستُ أدري هل قصدت حل هذه الإشكالية فنياً أم أمنياً؟ ولكن يبدو أنها قصدت الأمرين معاً؛ حلٌ فني يُرافقه ويتزامن معه الحل الأمني وإلا لما تطوَّعت بإيجاد حل في هذا التوقيت بالذات..! وحتَّى يتسنَّى للصين تنفيذ هذه الفكرة فمن المُحتمل أنها قد تطلب من حكومتنا "السيرة الذاتية لكلفوت" لأنَّها قد تعتقد أنَّ من نَكَّد ونغَّص حياة اليمنيين وأعجز دفاعهم وأمنهم يحملُ من المؤهلات العلمية ما الله به عليم, قد تعتقد مثلاً أنه يحمِل شهادة دكتوراه في الفيزياء النووية وأنَّه تخَصَّص في الكهرباء من أجل "لقمة عيشه" بعد أن جُهوده فشلت في إقناع الحكومة بإنشاء مُفاعل نووي يُلبِّي طموحاته القومية وأنَّه لذلك يُدمِّر الأبراج كـ"عقدة نفسية"! وقد تعتقد أنَّه يُدمر الكهرباء بواسطة جهازه المُتنقِّل- لافتوب- بعد أن برمج كُل شيفرات الأبراج وهو يُدمرها بُمجرد لمس زر انتر! الصين.. قد تُعد برنامجاً مُتطوراً بناءً على تَصوُّرها هذا عن كلفوت الخارق فما يُدريها أن كلفوت مُتشرِّد لا يُجيد القراءة والكتابة, أحولٌ في عينيه وفَكرِه, شعرهُ مُجعَّد, قصيرُ القامة, لا يكاد يُرى! يلبسُ نظارة سوداء يختفي خلفها وجهِهُ كُله هكذا بدا في الخيال الاجتماعي، الصين قد تُعد برنامجا يقف حائلاً بين الأبراج وبين مُخرِّب من القرن الواحد والعشرين وليس بين الأبراج ومُخرِّب من العصر الحجري ...! بماذا ستُجيب حكومتنا الصين حين تسألها عن كلفوت؟ لستُ أدري! لكنِّي على يقين أنه قد يُصيبها الذُّهول حين تعلم أن مُخرب مُتخلف صفاته لا تتعدى صفات رجل العصر الحجري يعبثُ باليمن وأمنه ..! وأي حكومةٍ تلك التي تعجزُ عن حماية بُرج كهرباء من مثله ؟!. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أتقدَّم بجزيل الشُكر لجمهورية الصين الشقيقة التي باتت أقرب لهمومنا من حكومتنا, وأقول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ليت وطنيتكم - التي عمرت الصين وتطالب بعودة تايون إلى الوطن الأم - أن تُلامس وطنيتنا المدفونة تحت رُكام ماديتنا المقيتة التي وصل بها الحال أن تُتاجر في الوطن - بحسب الطلب الدولي وانعدام الضمير المحلي - ولم تَستبقي حتَّى أبراجه الكهربائية تلك المُعلَّقة هُناك في أعماق الصحراء..!
د/ عبدالله الحاضري
الصين وكلفوت..! 1726