إن ما نشهده في الآونة الأخيرة من تصاعد في حدة الاضطرابات الأمنية, وتفاقم صور الاختلالات على رقعة الوطن الغالي, يدلل على أن المراهنين على هذه الورقة قد بدأوا بالانهيار والإفلاس!! ثورتنا في اليمن غضبة إنسان سئم العيش الذليل, سئم استنشاق عفن الفساد, سئم الحياة في تيه المستقبل المجهول مع غول السلطوية الذي تضخمت شهيته فابتلع كل مقدرات البلد وترك الشعب يعيش في بؤس وقهر وذلة.. الذين يلعبون بورقة الأمن تغافلوا, أو تغابوا حين لم يدركوا بأن هذا الشعب قد أعاد ترتيب منظومة قيمه.. لم يعد الأمن هو القيمة الأولى لدينا.. لم نعد نرغب في ذلك الأمن الكاذب المخبأ تحته كل صور احتقار الذات, والتمزق النفسي الرهيب! صحيح بأن حاجات الإنسان رتبت بجعل حاجته للأمن رقم اثنين, لكن اللاعبين اليوم بأعصاب الناس البسطاء, والمؤججين للهيب العنف, لم يفهموا بعد بأن الأمن النفسي القائم على احترام الذات وتوكيدها أضحى هو المطلب الأول لإنسان هذا الوطن! انظروا حولكم, ثمة بلدان قريبة منا على مرمى البصر تحيا بحبوحة العيش ووداعته, أمن غذائي وسلامة.. ترف لحد الإملال.. هل تراهم يشعرون بالحرية النفسية التي أحياها أنا وكل فرد حر متوثب للحياة الكريمة على أرضنا؟ نسير بهامات مرفوعة وسط ضجيج ضرب النار ومطر الرصاص ويشيعنا يقين مهيب بأن الله حافظنا! إيمان عميق يكبر كل يوم في قلوبنا لتقوى به نفوسنا.. لقد صنعتمونا من جديد.. ها أنتم ذا, يامن تظنون بأنكم تزلزلون ثقتنا بأصوات المدافع, تعينونا دون قصد منكم على الثبات والقوة والشجاعة.. من يمكنه أن يهزم هذه النفسية الثابتة التي استنارت, وتنامت, وتحجرت من شدة ضرباتكم فأضحت صخرة صمود في وجه الخوف؟!! بعد كل ألعابكم الشريرة صرنا لا نهاب الموت! صرنا نعرف ماذا نريد, وحددنا مستوى الحياة اللائق بنا.. البهائم فقط هي من تجعل الأمن والعيش البدائي غاية لها (يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام).. لا نريد عيش البهائم.. أمن البهائم.. نصبو لأمن يجلل أرواحنا بالسمو, ويغلف أنفسنا بالعزة, ويشحذ هممنا لنيل المعالي!! فاعبثوا بما شئتم من فرقعات السلاح فما عاد هذا الشعب يهاب سوى الملك الجليل في السماء! فإما حياة تسر الحبيب & وإما ممات يغيظ العدا!!