;
م.أحمد المحمدي المغاوري
م.أحمد المحمدي المغاوري

رابعة "محنة تتخللها منحة" 1356

2013-10-24 14:36:52


 أهل الحق مستعدون أن يجوعوا ليشبع الناس، وأن يسهروا لينام الناس وأن يموتوا ليحيا الناس وهكذا يكون الصدق مع الله, وهكذا هم ثوار وأحرار مصر سيكملون المشوار. ما حدث في "النهضة ورابعة الصمود" من قنص وحرق وما يحدث للمتظاهرين السلميين المطالبين بالحق وعودة الشرعية من قتل اعتقال ومطاردة بعد الانقلاب الدموي الفاشل، وما يتعرضون له الآن من محن ما هي إلا حقيقة لصراع طويل عبر عقود بين شرفاء أحبوا مصر ولصوص سرقوا مصر, فنتج عن هذا الصراع تضحيات غالية ثمنها باهظ, ثمنها الجود بالنفس والولد والأخ والزوجة والمال لنيل الحرية ودفع الباطل بالحق "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق", فهي سنة الله الباقية ولن تجد لسنه الله تبديلاً ولن تجد لسنه الله تحويلاً. قبل 25يناير2011" كانت مصر تعيش في ظل نظام استبدادي طال به الأمد من فساد وظلم وهو ما تعيشه الآن في ظل حكم الانقلاب الفاشي". ولقد عاشت مصر قبل 30 يونيو 2013, عام من الحرية والعدل ومحاولات إصلاح ما فسد بمصر بعد انتخاب د. محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب لمصر, ولكن قصُر به الأمد مجرد عام. فكان الانقلاب الدموي وكانت والمحنة، وهي في نظري مجرد محطة ووقفة لثقل الرجال وتمحيصهم، ولينكشف الزبد حتى يذهب ويبقى ما ينفع الناس ومصر من أبنائها المخلصين المحبين لدينهم ووطنهم مصر, فالابتلاء بالمحنة ما هو إلا باب من أبواب التربية الإلهية لكي يدخل منه المؤمن إلى منحة إلهية لاختبار صدق يقينه بالله وتمام اللجوء إليه سبحانه وليتهيأ العبد للقيام برسالة الحق والإصلاح على الوجه الأتم. قال تعالى: (آلم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنًا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) [ العنكبوت:1-3] وأفضل ما يقوم به الثائر الحق المُمتحن عند الابتلاء هو الرضا والتسليم لله, فبالصبر والرضا مع الأخذ بالأسباب وعدم الاستعجال تأتي المنحة, فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يُستجب لي". ولأن الله يعلم طبيعة الإنسان فإنه في حال اليسر ينسى ويُعرض وفي حال الكرب يعود ويتوب من ذنوبه ويصحح من أخطائه، فما نزل بلاء إلا بذنب، فيلجأ العبد إلى خالقه سبحانه، قال تعالى: "وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسًا" [51فصلت]، وقال تعالى: (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور* ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور" (هود: 9-10 )، فدائمًا وعلى مرِّ الزمان يكون زمن المنحة "التمكين" أقل بكثير من زمن المحنة "الاستضعاف" فكم بقي محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن مكَّن الله له بعد فتح مكة ونصرة الله نصرًا عزيزًا, بقيَ عامين بعد أن ظل 21 عامًا يُحارَب ويؤذى ويجاهد في سبيل الله، وكم بقي نوح بعد أن نجَّاة الله بالسفينة؟ قليل. بعد أن ظل قرابة ألف عام مُضطهدا ويُستهزئ به وهو يدعو الناس إلى الحق وهكذا كل الأنبياء تحدث القرآن عما لاقوا من أذى وعنت في زمن المحنه واقرأ إن شئت في سورة هود عن "نوح وهود وشعيب وصالح وموسى وغيرهم عليهم أزكى صلوات الله وتسليمه، وما لبث أن جاء النصر لم نعرف عنهم شيئا في زمن المنحة، وكم بقي الخليفة عمر بن عبد العزيز بعد أن نشر العدل والخير في ربوع الدولة الإسلامية بعد أن عمَّ فيها الفساد؟ بقيَ عامين, وكم بقي صلاح الدين الأيوبي بعد أن فتح الله على يديه القدس؟ عام. كم بقي قطز بعد أن هزم ورد هجمة التتار عن ديار الإسلام؟ عام. المهم ماذا فعل هؤلاء وماذا قدموا وهل أدوا ما عليهم، إن ما حدث لإخواننا في رابعة حدث للصحابة رضي الله عنهم منه جانب عظيم ففي يوم الأحزاب قال الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا* هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدًا* وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا ) [الأحزاب : 10 - 12 ] حتى يأتي الصحابي إلى النبي محمد كما جاء في الصحيح أن خباب بن الأرت قال: قلنا: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال: "إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه، لا يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه، لا يصرفه ذلك عن دينه". ثم قال صلى الله عليه وسلم: "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون"، فعاد وصبر وجاهد في الله حق جهاده؛ لذلك كان السؤال ماذا نفعل نحن الآن؟ الإجابة في هذا الكتاب" كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب، فذكر له جموعًا من الروم وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر "أما بعد، فإنه مهما نزل بعبد مؤمن من منزلة شدة، يجعل الله بعدها فرجًا، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإن الله يقول في كتابه: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"، هذا هو دورنا الصبر والمصابرة والمرابطة, وبالفعل يعيش الأحرار والثوار هذه الحالة التي تُصنع فيها الرجال, المهم أن نكون رجالاً عند المحن فما حدث في رابعة ويحدث حتى الآن هي محنه تتخللها منحة لثقل الرجال. ولنتذكر وصية رئيس مصر الشرعي د محمد مرسي (ليعلم أبناؤنا أن آباءهم وأجدادهم كانوا رجالاً، لا يقبلون الضيم ولا ينزلون أبدًا على رأي الفسدة ولا يعطون الدنية أبدًا من وطنهم أو شرعيتهم أو دينهم) وستأتي المنحة عن قريب ويعود الحق إلى أهلة ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبًا.. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.. مكملين إن شاء الله.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد