ليس البكاء بالشيء الذي تشجعه المجتمعات البشرية وكأن الدموع سواء كانت دموع فرح أو دموع حزن أو استياء تملأ المرء بالارتباك أو بالانزعاج، حتى قيل أن أحد المرشحين للرئاسة الأميركية سنة1972م خسر رهانه حين بكى وهو يشجب إحدى الصحف التي نشرت رسالة أهانت فيها زوجته.
والملاحظ أن ذارف الدموع يعتذر لبكائه حتى ولو كان الدافع إلى ذلك مأساة مدمرة، كما أن الشخص الذي يرى دموع الآخر تنهمر يسعى في الغالب لبذل ما في وسعه لإيقاف هذه النوبة العاطفية، غير أن الدراسات الأخيرة التي تناولت العلاقات بين المرض والبكاء والتركيب الكيميائي للدموع دلت على أن الاعتذار عن البكاء كمحاولة وقفه لها غير مناسبين، لا بل أنهما قد لا يأتيان بالفائدة المرجوة. والمعروف أن الكائنات البشرية هي المخلوقات الوحيدة التي تذرف الدموع، ولذلك فإنه من المنطق أن نفترض أن للبكاء فائدة أو أكثر في تعزيز بقاء الإنسان.
وتقول الدراسات الحديثة أن للدموع دوراً مباشراً في خفض الإرهاق ويقول العلماء والباحثون في معاهد الأبحاث إن الدموع تحتوي على مادتين كيميائيتين هامتين هما (لوسين إنكافالين وبرولاكتين) ويظن بأن المادة الأولى هي الاندور فين إحدى المخففات الطبيعية للألم في الجسم.
وأثبتت الدراسات أيضاً أن الدموع مادة يفرزها الجسم عادة أي أنها كالعرق والبول والهواء ننفثه وهي بذلك عمليات إفرازية خارجية لإنقاذ الجسم من مواد سامة وأن هذه الدموع تنظف الجسم من مواد تتجمع بفعل الإرهاق.
إن الدموع كعينات الدم والبول، سائل جسدي يسهل الحصول عليه عند حدوث تعقيدات كيميائية ناجمة عن المرض.
وفي مختبرات الأبحاث في الجامعات الأوروبية والأميركية يقوم العلماء بدراسة وتحليل الدموع للتوصل إلى ما يساعد على تشخيص بعض الأمراض وخاصة أمراض العين، تعزف أن الدموع تنشأ باستمرار في غدد دمعية في العينين تحت الحفن تساعد في تنظيف العين من أية أوساخ أو مواد مثيرة وفي مكافحة أي التهاب لأن هذه الدموع تضم أنزيمات مضادة للبكتيريا.
ومن الناس من تكون دموعهم غير وافيه (قليلة أو نادرة) ومثل هؤلاء تظهر عندهم أعراض منها الحفاف والحكة والحرقة والحساسية للضوء والنظر الضبابي ويجب على هؤلاء استشارة طبيب العيون لعلاج تلك الأعراض المرضية.
وخلاصة القول يجب أن نقتنع إلى حد كاف بوجوب تغيير النظر إلى البكاء في لحظات الفرح أو لحظات الحزن لأن البكاء ظاهرة طبيعية حتى أن حبس الدموع يشكل خطراً على الصحة.
د.عبدالسلام الصلوي
البكاء ومنافعه الصحية 1441