إن المرحلة القادمة تتطلب من الجميع "أحزاباً ومستقلين, سياسيين، مثقفين, أدباء ومفكرين، وقادة رأي عام" استيعاب دروس الحوار، واستيعاب دروس التاريخ والجغرافيا للانطلاق إلى الفعل الحقيقي في تنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية من جهة.. وفي التحرك بين أوساط الجماهير المختلفة للتوعية والتثقيف بالأهداف القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى التي تضمنتها مخرجات الحوار الوطني، وما تمثله هذه المخرجات من جوانب إيجابية في خدمة بناء اليمن الجديد من جهة أخرى.
إن الأمية السياسية ضاربة أطنابها في مجتمعنا اليمني وبسببها يجد كل فكر وكل طرح وكل شبهة أعواناً كُثر, خاصة والفقر هو السائد عند الغالبية العظمى، لذلك علينا أن نعلم أن معظم الأحزاب والتنظيمات السياسية، والمنظمات الجماهيرية، والقطاعات النسائية والشبابية والجماعات والجمعيات, بحاجة ماسة إلى المزيد من العناية والاهتمام والتوعية المركزة بمضمون ما أفضى إليه الحوار من نتائج..
ثم هؤلاء عليهم القيام بالتوعية كل في إطاره ومحيطه, وهذا هو واجب المرحلة, وإن فرض المرحلة يوجب على كل مكون، وكل فصيل، وكل تنظيم سياسي, التخلي عن مشروعه الجهوي الذي قدمه والانتقال للعمل بالمشروع التوافقي الذي اتفق عليه الجميع في خضم مسيرة الحوار الوطني الشامل, والذي يعني الانتقال فكراً وممارسة من حالة التفكير الأحادي الجانب إلى التفكير المشترك الذي تتحد فيه الطاقات الوطنية من أجل هدف واحد هو تنفيذ مخرجات الحوار كما تم التوافق عليه وليس كما كان يراد لها من كل جانب على حده.
إن الدور الذي يجب أن تلعبه الأحزاب السياسية في مجتمع التعددية السياسية والحزبية, يجب أن يتجاوز الصراع السياسي على السلطة والانتقال إلى مربعات التعامل اليومي الإيجابي مع التطورات والأحداث بعيداً عن الأجندات السياسية والمشاريع الشخصية أو المناطقية, خاصة عندما يتعلق الأمر بإحداث نقلة نوعية وتحول تاريخي كهذا الذي يعيشه الوطن اليمني, حيث ينتهي من حوار سياسي على مدى ستة أشهر مستكملاً رسم ملامح دولة النظام والرفاهية والقانون على المستوى النظري كمرحلة أولى.. ومن ثم يتأهب إلى الانتقال بذلك المشروع إلى الواقع عبر تنفيذ ما تبقى من خارطة الطريق التي رسمتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.. والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
الانتقال للمشروع الوطني واجب المرحلة 1185