كان من المتوقع أن تتجه القوى السياسية في اليمن إلى إعادة النظر في التراكيب المفصلية لمعالم أهدافها وبرامجها التنظيمية والسياسية والفكرية التي كان من المفترض أن ترتقي إلى سمو الغايات ووضوح الأهداف التي يستفيد منها الوطن والشعب.. والخوض في المعترك السياسي والتوسع الشعبي والتنظيمي وبصورة واضحة المعالم والطموحات والإنجازات, أياً كانت خصوصيتها.. مادام المجال متاح لكل الأنشطة والمكونات الحزبية والاجتماعية والفكرية أن تسوق برامجها وأهدافها بعيداً عن الانطواء والتكتيم والركض وراء المصالح الشخصية والانتقامية التي يتم فيها تتبادل الأدوار والبطولات لغرض التنقيب عن الفوائد والموارد والمصالح فقط.. وهذا ما يتنافى مع أهداف وبرامج ووعود تلك الأحزاب والجماعات والمكونات التي ظلت تتغنى بالوطنية وبالوحدة وبالثورة وبالمشاريع الفكرية والقومية منذ ولادتها في الساحة اليمنية..
ولكن للأسف الشديد ما يحصل اليوم من بعض القوى والجماعات من مماطله وتقاعس عند كل موقف وعند كل توافق وتقارب يفضي إلى الأمن والاستقرار وأبناء اليمن الجديد.بالرغم من مشاركة بعض هذه القوى في الحوار الوطني, إلا أن مشاركتها كانت شكليا وصورياً فقط.. فتركت نواياها ومخططاتها خارج جدران الحوار..تنظر وتراقب وتعكر وتعرقل وتخلط الأوراق.. تحسباً وتخوفا من التوافق والمصالحة ورسم اليمن الجديد.الذي تدرك تلك القوى أنها لن تستطيع أن تحقق مرادها إلا من بوابة الفوضى وتعطيل مسار التسوية السياسية, فتحاول هذه القوى جاهدة إفشال القيادة والحكومة عن الوصول إلى التسوية وعرقلة إنصاف الشعب من غرمائه, ومن العابثين والخارجين عن النظام والقانون ومن أولئك النزعات الإرهابية التي تتكاثر وتتوسع على بساط القوى التي تتوهم لعلها تتمكن من التسطير ومن التشطير ومن التقطير..
فالذي اقصده هنا ليس حزباً بعينه أو جماعة أو فصيلاً بذاته.. ولكن اقصد أي شخص أو فصيل أو حزب أو جماعة ثبت تورطها وإدانتها بالتواطؤ واستخدام الشعارات والبرامج.. مفاهيم تدعو إلى التشطير وإلى التمزيق وإلى تنفيذ أجنده تخدم المساعي الخارجية التي تسعى إلى توسيع النفوذ والسباق على احتكار المصالح ومنابع الاستثمارات وزرع الولاءات في إحداث مثل هذه الأطروحات والمقترحات والتدخل في شؤون اليمن محلياً والضغط على المجتمع الدولي خارجياً لإقناع اليمنيين القبول بالمحصول والرضاء بالحاصل, وكأننا في اليمن لا يوجد فينا قوى ومكونات وأحزاب وعلماء وأهل رأي ومشورة.. فاختلافاتنا الداخلية وعدم تقبل بعضنا البعض واتجاهاتنا المعاكسة للواقع كشفت ضعفنا وانهزامنا أمام الآخرين.. وهذا ما جعل الأوصياء يشفقون ويمنون علينا بالآراء والمقترحات.. فيا من أصبحتم أوصياء على الآخرين وعلى اليمنيين, ويامن تقودون الشعب إلى المجهول, ويأمن تراجعتم عن مبادئكم وبرامجكم ووطنيتكم اليمن لن يغفر لكم ولا يمكن أن يقول الشعب لكم ولمخرجات الحوار "آمين, آمين".. فالحوار مقترحات ومخرجات وتوافق واستفتاء من الشعب.. وليس قرآناً منزلاً من السماء, فالوطن والشعب والثورة والوحدة فوق هاماتكم وفوق رؤوسكم وفوق مقترحاتكم ومخرجاتكم.. رضيتم أم..أبيتم.. فلا تتوهموا أن تشفق عليكم الدول الداعمة..
يا أهل الإيمان والحكمة: احذروا البينات واحذروا الخذلان والتآمر على الوطن والشعب والذي سيؤدي إلى سحق الجميع وسقوط الجميع بدون استثناء, فلا تهدروا أوقاتكم ولا تضاعفوا أتعابكم في اللهث وراء السراب والموبقات.. وتتخلوا عن وطنيتكم وترابكم والقربات.. فالخير والبشرى والنصر والأمن والاستقرار والتنمية تلوح في الأفق حاملة معها ابتسامة وإشراقة الثورة والوحدة.. وعلى صفحات اليمن الجديد.. والله المستعان.
د.فيصل الإدريسي
القوى المتخاذلة..وعلاقتها بالأوصيآء 1177