"التطرف المذهبي".. بدأ هذا المصطلح في الآونة الأخيرة بالانتشار والتوسع تزامناً مع عجلة الأحداث السياسية في البلاد، وعلى الخط الموازي بها بدأت مؤشرات النزاعات والفوضى في مدننا اليمنية وتعز تحديداً بالارتفاع بشكل يدعو للخوف والقلق، ولعل هذا ما استوقف قلمي للحديث عنها وعن أخطارها التي تزج المدينة وسكينتها إلى الهاوية باحثة عن ثغرة ضوء لانتشال ما تبقى من روح الحياة من فكي هذا الخطر المدمر..
في مدينة كتعز وللأسف لم يساعد فيها التنوع الطائفي على ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش السلمي ونبذ كل لغات العنف والكراهية بين مختلف الطوائف والمذاهب, بل دفع على اقتلاعها من جذورها بعد أن خفتت تلك العلاقة الوطيدة بين البشر وبين قوانين الحياة المرصوفة في ديننا الإسلامي وربما انقطعت!.
ديننا الإسلامي الذي يحثنا على التسامح والتعايش تحت سقف الرحمة والمودة وتقبل وجهات النظر مهما اختلفت والتشجيع على الحوار السلمي بين البشر يتجاهله الأغلبية حين يرفعون بنادقهم بوجه كل من يخالفهم الرأي والوجهة المذهبية ولا يكتفون بذلك, بل ويدعون عبر منابر المساجد ووسائل الإعلام إلى نبذهم وتكفيرهم وشن الهجوم على كم من يتبعهم وهنا تكبر المشكلة!.
التطرف والتعصب المذهبي "قنبلة موقوتة" في يد كل متطرف وعابث وحتما ستؤذيه وتؤذينا وتؤذي تعز مالم نتدارك الأمر بنبذ هذه الثقافة الجائرة والمؤرقة والخطرة على حاضر ومستقبل الحياة في تعز الحبيبة.. فلنكن معاً يداً بيد لإنقاذ وانتشال تعز من وحل التطرف والتعصب من خلال الحلول الجذرية للمشكلة..
لا بد من إقامة إصلاح تشريعي قائم على الإصلاح الدستوري والقانوني، يزيل كل القيود التي تعوق حرية الفكر والدين، مع ضمان عدم تدخل الدولة في حريات الأفراد والجماعات الفكرية والدينية، تبيح للجميع على قدم المساواة حرية التفكير وحرية الجدل، ويتاح للناس اعتناق ما يشاءون بلا إكراه في الدين أو العقيدة أو العبادة أو الدعوة، مع التأكيد على أن الهداية مسؤولية شخصية، فليست مسؤولية الدولة إدخال الناس إلى الجنة، بل خدمة الأفراد وحمايتهم وتوفير مناخ الحرية والعدل لهم على قاعدة المساواة المطلقة، مع التأكيد على تجريم التكفير الذي يصاحبه تحريض على القتل باسم الدين".. مع اعتبار أن من يقتل هو مجرم قاتل ويجب معاقبته شرعًا، وبذلك يتم إرساء ما أقره الله عز وجل في كتابه العزيز، "لا إكراه في الدين".
أيضاً إصلاح التعليم الرسمي من أهم الخطوات التي لا يتوجب إهمالها, فالتعليم يجب أن يبنى على إباحة المعرفة وتعليم الطالب النقاش والبحث، وليس التلقين، مع وجود مادة دينية لتعليم الأخلاق والمثل العليا وثقافة التسامح والمواطنة، بلا دخول في المسائل الخلافية والجدلية التي توسع الشرخ بين أبناء الدين الواحد..
إذن المناخ الفكري المفتوح هو الحل لكل المشاكل الطائفية، لأنه سيتيح لأهل القرآن بحل دعاة الاقتتال الطائفي وأئمة الإرهاب، بإسقاط خرافاتهم، "ونجاح الثورات العربية لا يقدر بإزالة نظام والإتيان بنظام آخر مع بقاء نفس المفاهيم والتفكير، بل بالتغيير الجذري في النظام التشريعي يكفل حقوق المواطنين في حرية العقيدة".
أحلام المقالح
التطرف المذهبي ..قنبلة موقوتة 1321