إذا توعدت القَشَّة أو الريشة ثبات الجبل، وإذا هددت انتفاشة الهر زئير الضيغم ونحافة الشعرة حد الفيصل بالقطع؛ فاعلم أنك أمام "ارتعاشة الانقلاب" وهي تهدد إرادة شعب تحفل بكل مقومات الانتصاب بالزوال، وساعتها يخطئ جداً شعار "يسقط الانقلاب"؛ إذ لا يطلب إلا سقوط من هو بنفسه منصوب لا من هو بغيره مسنود؛ أو من هو منتصب على ساقه لا مستندا على يد غيره؛ وإننا إذا ما سلمنا بانتصاب الانقلابيين؛ فذلك يعني استساغة الصقور أخذ توجيهاتها من الكتاكيت؛ فهذه الأخيرة الذليلة في أرضها أيضاً إذا ما أحست بذلك الإسناد تظن أنه انتصاب فتشرع لتوها مهددة الصقور في جوها بالانقلاب.. وساعتها أكاد أؤمن بمقولة "الفول يسمن العجول لهذا هي لأجل ذبح حريتها تتبختر وتجول"!.
إننا في عصر انقلاب الماوزين الذي يختلط فيه البجر بالطين، والذي يصبح فيه الحر تارة حزين وتارة أخرى بين قتيل وسجين، وتصبح الحياة في سجِّين وقد كانت في عليين وساعتها لا تتساءل: لم إرادة الملايين تذبح لقاء الملاليم؟..
العقلاء يدركون أن قوة الإنسانية في السياق القويم وحسب الصراط المستقيم إنما تكون بما تكتنزه من القيم (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) وليس فيما تحشره في جيوبها من الدراهم رزم؛ (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين), ولما لم يبتغ فيما أوتي الدار الآخرة مفضلا عليها الدار الخاسرة كانت عاقبته الخسف.. فهذه هي نهاية الانتصاب المتكئ على الرزم ينخسف.
كما ندرك أن الانتصار مرهون بالبأس والبأس مرتهن بتعاضد طيب القيم ذات القداسة المفضية إلى انتعاشة، وليس بتراكم خبث الرزم ذات التعاسة المفضية إلى انتكاسة!, فهناك أنيس أو جليس القيمة العفيفة اللطيفة وفي المقابل تعيس اللقمة أو الخرقة من القطيفة "تعس عبد الخميصة تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا شيك لا انتقش".. فليس من زأر مثله كمن انتفش وليس الأرضي الذي يرضى الحقارات كالإمارات ويقتات القذارات كالعالي القيمة الذي يرتقي في عالي السماوات.
فيا أيها الصقور المحلقة: لا تهنوا ولا تحزنوا, إن اضطررتم برهة للتوقف عن التحليق فإن هذا الهبوط الاضطراري لا يغير من الفطرة التي فطركم الله عليها وهي التحليق, كما لا يغير شيئاً من حقيقة الكتاكيت, فالذي لم يحظ بتعالي القيم يستبدلها بشاهقات الصنم, أو بالجيفة المسمى (برج خليفة), فالذي لم يحظَ بمعاني أو تعالي قيم الرجال يستبدله بتعالي مباني الجدار!.
د.حسن شمسان
ترجُّل الصقور.. لا يغير من حقيقة الكتاكيت! 1298