آخذ ما قاله الرئيس/ عبد ربه منصور هادي على محمل الجد في خطابه أمس عن استعادة الثورة وعن الثورات سبتمبر واكتوبر والوحدة والثورة الشعبية السلمية والحكم الإمامي والعائلي.. لن أضع خط رجعة لقولي هذا بالقول أنني لا أحب تمجيد الرؤساء والسلاطين, ولن أتعامل مع مقالي هذا كذنب.. لكني أثق بما قاله هادي, لأني أثق بصوتي الذي منحته إياه مقتنعاً أن اليمن كان بحاجة إلى رجل تسلم إليه السلطة, وأننا كنا بحاجة إلى أدوات العبور إلى المرحلة الجديدة.
هادي رئيس وليس مخلصاً.. له أخطاء وتعترضه صعوبات جمة, وكان جزءاً من منظومة فاشلة, وهو الآن رئيس لبلد فاشل أيضاً, ولن يستطيع البلد التخلص من فشله إلا بعد حين.
أكد هادي في عشرات الخطابات الأخيرة أنه ينوي ويريد مع كل اليمنيين نقل اليمن إلى مرحلة السلام والعقد الاجتماعي الجديد.. سنصدق ذلك.. ولن نقول في خلواتنا إنه يخدعنا ولن نسير على نفس نهج آلة الرئيس السابق التي بدأت حملة كبيرة ضده, لأنه أراد فقط أن يكون رئيس كل اليمنيين وأن ينفض يديه من عهد بائد..هو عهد النكد الذي قاد اليمن إلى شر مستطير.
أخلاقنا لا تسمح لنا أن نقف إلى صف أعوان البائدين, ولا يسمح لنا اعتزازنا بذواتنا كيمنيين أن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد الرجل الذي أصبح خصم اليمن الأكبر وهو يعدنا بالموت والدمار والشنار إذا لم نبك على عهده الحقير الذي دمر الذات اليمنية وجلب لنا العار..
شاهدوه وهو يقتلنا كل يوم.. ينتقم هو وعائلته من غبائنا وعبوديتنا التي دامت ثلاثة وثلاثين عاماً.. عدوا منذ بدأ عرشه يهتز كم قتل وكم ذبح وكم يتم وكم شرد وكم أنهار دماء تسيل.. إنه يحقد على اليمنيين رغم أنهم تسامحوا معه ومنحوه وعائلته الحصانة..
هذا الذي يضحك عليه جلساؤه ويقولون له: أيها الزعيم, اقتل.. دمر.. أبد.. اليمن آسفة لرحيلك.. هل عاش هذا الزعيم الديكتاتور وعائلته يوماً ما حياتهم كبشر؟, أم أنهم مجرد مسوخ على أموال وكراسي؟.. هل يشعرون بمشاعر الآباء والأمهات والأطفال والمرضى واليتامى والنساء والمعدمين؟, أليس لديهم مشاعر الآدميين وهم يشاركون في بحور الدم والموت اليومية للمواطنين العاديين؟.. إنه شيطان وإنهم شياطين.. أي سادية هذه التي تجعل عائلة تحقد على شعب.
وإلى الرئيس هادي أقول: ما دمت قد عرفت الطريق وأدركت من هم اليمنيون حقاً الذين انتخبوك ويتطلعون إليك بحب وتقدير, وما دمت قد قلت لنا أنك ستحمي اليمن ولو كلفك ذلك حياتك.. فنحن نصدقك.. ولكن نقول لك: الدماء التي تسفك لضباط القوات المسلحة وجنودها في كل يوم وفي كل مكان هي أمانة في عنقك ولن يكتب التاريخ يوماً سوى أنك لم تحفظ هذه الدماء.. كن رئيس اليمنيين جميعاً, فالبسطاء من الناس أحق بأن تحميهم من الموت المجاني وأحق بأن ترعاهم وأن تحاول ولو قدر الإمكان إعادة بعض الفرح للمساكين والفقراء والمرضى والأرامل والشحاذين والبائعين والريفيين والعجائز..
أنت تعرف أنك في مهمة صعبة, في لحظة صعبة, في بلد صعب, يعيش معادلة صعبة.. لقد ضحى أناس كثيرون لفجر اليمن.. منذ الثورتين سبتمبر وأكتوبر وقبلهما وبعدهما.. ثم ضحى شباب كالورد وقدموا أرواحهم رخيصة على يد الديكتاتور الشره للسلطة وللدماء.. تأكد أنهم يرقبونك الآن.. يستمعون إليك.. يعدون لك حسناتك وخطاياك.. وأرواحهم تقول لك: متنا وسالت دماؤنا ليعيش الوطن ويعيش أبناؤه, فلا تجعل طفلاً يموت على يد قاتل لم تحاسبه, ولا تجعل عجوزاً ولا جندياً ولا أجيراً ولا امرأة تسيل دماؤهم لأنك لم تحقق العدالة.
لا يموت الناس من الجوع فقط أيها الرئيس.. بل يموتون من الاستبداد ومن المستبدين الذين يحرمونهم الحرية والعيش الكريم.. الشعب اليمني يحب الحياة أيها الرئيس.. وأنت تعرف القتلة واحداً واحداً, فلا تجعلهم يساومونك بأرواح البسطاء والفقراء والمواطنين المخلصين..
لا تصدق أن الديكتاتور عاش.. إنه الآن مجرد دراكولا مصاص الدماء, يمص دماء الشعب الذي ثار عليه.. يخمش بأظافره الدموية في روح الوطن الذي لفظه, يريد هو وعائلته وبنوه أن يشبعوا من دماء أبناء اليمن.. لم يشبعوا أبداً.. الديكتاتور ماااااات.. لم يبق سوى صورته البشعة والغارقة في الدم وبراءة الضحايا.. إنه يقتل ويقتل ولا يسأم.. فلا تجعله يقتل أكثر.
* من صفحته على الفيس بوك
أحمد الشلفي
إلى الرئيس هادي: أخجل ألا نكون معك في هذه اللحظة, لاتدع الديكتاتور وبنيه يقتلون أكثر 1560