عشت في عدن اكثر من أربع سنوات وتعايشت مع أهلها الذين هم خليط من كل أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية , طوال المدة التي قضيت هناك مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة لم أسمع أحداً يتذمر من الوحدة أو يذكرها بسوء, بل الجميع يعتبرها من المقدسات التي لا يجوز المساس بها, لكن الظلم والاستبداد ومصادرة الحقوق والحريات والإقصاء والتهميش ونهب الأرضي التي مارسها نظام صالح غيرت قناعة الناس وجعلتهم يكفرون بالوحدة ويخرجون إلى الشوارع للمطالبة بفك الارتباط واستعادة الدولة, وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها..
وعلي الذين مازالوا يتشدقون بشعار الوحدة خط احمر أن يدركوا أن الواقع قد تغيير, فلا مجال للمزيدات والتصريحات العنترية, الناس في الجنوب لديهم قضية عادلة ولن يسكتوا عن قضيتهم.. على من يزايدون ويتشدقون ويرفضون الحلول ويعملون على إعاقة مؤتمر الحوار بحجة الدفاع عن الوحدة أن يراجعوا حساباتهم ويدركوا أن الوحدة بحاحة إلى إعادة صياغة من جديد, بحيث تكون وحدة حقيقية قائمة على الشراكة والحب والمواطنة المساوية وليست وحدة الضم والإلحاق والفيد..
على الجميع أن يدرك أن هناك متغيرات على الساحة, لاسيما في المحافظات الجنوبية وهناك شعب له قضية عادلة يحب أن تحل حلاً عادلاً يرضي جميع الأطراف.. لا مجال للمزيدات باسم الوحدة والتصريحات العنترية.. هناك حلول قدمت وعلى الجميع القبول بها من أجل الوصول إلى أمن واستقرار اليمن, فالعودة إلى ما قبل عام 1990 أمر عير ممكن, الاستمرار بالوحدة الاندماجية غير ممكن أيضاً.
من حولوا الوحدة إلى مشروع شخصي ونهبوا الثروة وعاثوا في جنوب فساداً, فصلوا الناس من وظائفهم وصادروا حقوقهم وحرياتهم وسطوا على الأرضي, وفعلوا كل قبيح.. اليوم يتشدقون باسم الوحدة ويزعمون الدفاع عنها.. ليس حباً فيها وإنما خوف على مصالحهم وامتيازاتهم, التي سوف يفقدونها في حال انتهت الدولة المركزية, لن يمروا لأن الشعب قد عرف طريقه ولن تعود عجلة الزمان إلى الوراء.
عندما يكون لدينا دستور يحمى الحقوق والحريات ويكفل التداول السلمي للسطلة ويجعل من الرجل الأول في الدولة موظفاً يخضع للمساءلة والمحاسبة.. وحيش وطني مهمته حماية البلاد ولا يمكن استغلاله في الهيمنة السياسية, وقضاء نزيهة ومستقل.. لا يهمني شخص الحاكم من يكون.
أنا ضد العزل السياسي واعتقد انه عمل إقصائي يتنافى مع قيم الثورة ومبادئ العدالة.. لكني في نفس الوقت ضد بقاء أي سياسي بعيداً عن سلطة القضاء بسبب حصانة يحملها
الحصــــــــانة والزعــــــــــامة لا يجــــــــــتمعان أبــــداً, من أراد الزعـــــــــــــامة فعليه أن يتخلى عن الحصــــــــــــانة.. ومن أراد الحصانة فعليه ترك الزعـــــــــــــامة, ليس من المعقول أن يكون زعيماً يحمل حصانة تمنعه من المســــــــــــــــــــاءلة والمثول أمام القضاء.
تيسير السامعى
خواطر على البال 1294