الشهداء العسكريون الذين قتلوا يوم الجمعة في مواقعهم وفي ثكناتهم ونهبت أسلحتهم ومعداتهم من قبل المهاجمين بكل بساطة وكأنهم في نزهة، هذا الأمر وهذه الجريمة، رغم أنها ليست الجريمة الأولى التي تستهدف القوات المسلحة والأمن, بل إنه سبقها عشرات الجرائم التي راح ضحيتها مئات الضباط والأفراد من خيرة أبناء الوطن وكوادره، إلا أن هذه الفاجعة الأخيرة لها مدلولها الزماني والمكاني، بعد أن كنا نعتقد أن ما تم من دمج للقوات المسلحة كفيل بتأمين الأرض والإنسان، وحماية الأمن وفرض هيبة الدولة، وفجأة نكتشف أنه لا يستطيع حماية نفسه فضلاً عن حماية المواطنين، وهذا يثير استفسارات وعلامات استفهام كثيرة عن سبب هذه الجريمة ومن وراءها ومن سهل المهمة وجعل هؤلاء العسكريين لقمة سائغة لهذه العناصر الإرهابية التي ذكرت أسماء عناصرها من قبل السلطة الرسمية بعد الحادث مباشرة، مما بدل على أنها تعرفهم مسبقاً، ولماذا الاستهداف بالهوية مستهدفين أبناء مناطق معينة..
هذه جريمة تستدعي كل شرفاء الوطن الوقوف أمامها بكل مسئولية، كون مناشدة الجهات الرسمية أصبح غير مجدٍ، ولا يجد التفاعل الجاد.. كيف لهذه الأعداد القليلة من المهاجمين أن تخترق معسكرات ونقاطاً عسكرية، وتقتل من في هذه المعسكرات وتأسر من تبقى وتنهب كل محتويات هذه المعسكرات.
إن في الأمر غموضاً، وفي القضية خيانة واختراقاً، نشك أن يقوم المسؤولون بفضحها وإطلاع الرأي العام عليها، لأسباب جميعنا يجهلها ولا نجد الإجابة الشافية لهذه الاستفسارات، والقيادة العسكرية مهتمة بشراء البدلات العسكرية، وتوحيد الزي، ليتهم يهتمون بالدماء اليمنية كاهتمامهم بالعمولات والحرص على الثراء السريع..
ثرنا على فساد ومحسوبية وأسرية كانت تتحكم بالقوات المسلحة والأمن، ودفع الشعب اليمني ثمناً باهضاً من دماء أبنائه وأرواحهم، للقضاء على ذلك الفساد، ونكتشف أننا استبدلنا فاسدين بفاسدين لا يقلون عنهم فساداً، وربما أكثر منهم ممارسة للشللية والفساد!..
سمعنا قبل الهيكلة من الأخ وزير الدفاع أن هناك أكثر من مائة ألف جندي في الحرس الجمهوري وهميين ونصفهم في الفرقة الأولى مدرع، ولكننا بعد الدمج لم نسمع أي ذكر لأي أسماء وهمية، ورغم أن الموازنة زادت عن العام الذي سبق، ولكن ذلك لم يؤدي إلى تحسين وضع العسكريين لا في المرتبات ولا في الغذاء ولا في السكن أو التأمين الصحي ولا في أي مجال، أين ذهبت مستحقات هذه الأسماء التي كانوا يقولون لنا بأنها وهمية وهي تقدر بالمليارات؟، فهل هذا هو التصحيح؟.
كان الجُند والضباط قبل دمج الجيش يقتلون بظروف غامضة في أبين، واليوم يُقتلون في شبوة بنفس الظروف الغامضة، ولن يتوقف المسلسل، وربما غداً في حضرموت أو أي محافظة أخرى، طالما والمخرجون والمنفذون آمنون مطمئنون، والسلطات تكتفي بذكر أسماء بعض المنفذين تخليداً لذكراهم.
بالأمس كنا نطالب قواتنا المسلحة أن تحمي الأمن وتمنع ضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والتقطعات، واليوم نطالبهم بحماية أنفسهم, ولا يستطيعون ذلك، إنه خلل تتحمل مسئوليته القيادات، وفشل مقصود أو غير مقصود في وضع المعسكرات وتموضعها.. ماذا يراد لوطننا؟, وما رأي القيادات الحزبية والثورية بما يجري؟.
* عضو مجلس النواب
محمد الحميري
من المسئول عن كارثة الشهداء العسكريين في شبوة؟ 1689