تبدو حالة اليمن حين لا تجد من يرعى شؤونها الداخلية أشبه بالصحراء القاتلة, هذا ما يُرى في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي لا زال ينعقد في صنعاء, ويظهر في الأفق المبادرة الخليجية التي هي في الظاهر مجرد أداة لكسر هيبة الدولة وتغليب القوى ضد الحكم المركزي في صنعاء, حيث يلمع في الآفاق كذلك بادرة الحرب الأهلية التي تعصف بالجميع, فهناك تحركات خفية تقودها بعض الدول, وخاصة تلك التي تريد توسيع نفوذها في اليمن وكأنها تُمارس العادة السرية التي يتزعمها مشائخ ومليشيات في الشمال والتي ظهرت في الآونة الأخيرة بشكل يفاجئ الجميع ويعيد المشهد اليمني إلى 1976 وهو الحكم بقوة المشائخ، وما يجعل الشارع في حالة ارتباك من ظهور تيار آخر ينادى بتمديد الحوار وتمديد مهام رئيس الجمهورية.
إن اليمن أكبر من أن تنفرد بها مجموعة شواذ لها مصالح خاصة توصلها إلى الهاوية, والأخطر من هذا وذاك في أن يتم تقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة تتشتت في حناياها الطوائف والمذاهب الدينية المتشددة, والتحركات المريبة منها ما تشهدها محافظة صعدة من قبل الطرفين هناك مليشيات الحوثي وأبناء دماج, وتوسيع نفوذهما يخلق مبدأ المذهبية الطائفية ودعمها الإعلامي والسياسي إنما يعيد إلى أذهاننا فكرة الصراعات بعد الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 والتحريض ضد البعض, مما يزرع كيانات خارجية تفرض الوصاية على الدولة المركزية, حيث مُورست الضغوطات عليها من قبل الأطراف التي تهدد بالنزول إلى الشوارع ما بين السلمية والكفاح المسلح لتبدو صورة صنعاء غائبة المعالم للفترة المستقبلية.
يعيش المواطن البسيط على كف عفريت ويضع تساؤلات منها: هل يعي عقلاء اليمن قدر المخاطر التي يُخَطَّط لها من قبل البعض, والتهديدات الخارجية التي تعصف بمقومات الأمن القومي للدولة في ظل غياب الرؤية الواضحة والاتكاء على الغير من أجل النهوض باليمن الجديد والرهانات الخارجية؟, فمتى نرى حضوراً مفعماً بالسلام والطمأنينة وابتسامة الطفولة في حارات صنعاء والمدن اليمنية جمعاء؟.
إبراهيم الدالي
يجب أن نعي ونتفق!! 1116