كنا نَحلم ومِن حقنا أنْ نحلم بـيمن آخَـر غير ذاك الذي عهدناه قبلَ الثورة ,كُنـا نطمحُ أنْ نَشرع فِي وضع خطوات جادةٍ لانتشالنا مِن براثن التخلُّف و الانحطاط السياسي والاجتماعي المَقيت ومِن ثَمَّ البدءَ فِي وضع أقدامنا على آثار تِلك الدُّول التي انطلقت مِن مثل مرحلتنا التاريخية وبنفس المُعطيات لتُحقَّق أحلام شعوبها القُصوى المُتمثلةِ فِي الوصول إلى شكلٍ راقٍ من أشكال الحياة التي تَليقُ بالإنسان المُكرَّم مِن الله.., كُنَّا ومازلنا نطمحُ في الولوج إلى التاريخ بمُتغير حضاريٍ وليد نحنُ كـ شعب نستحقُّه بامتياز فـلسنا غرباء عن الحضارة نحنُ من صُنَّاعها " هكذا يقولُ التاريخ الإنساني " وإن كُنا قد خرجنا منها؛ فذاك قـدرنا وفقاً لِسُنة التداول الحضاري الكوني... نعم كُنا نطمح ويُداعب خيالنا وتُدغدغ عواطفنا تلك العودة الحميدة لوضعنا الطبيعي في التاريخ, غير أنَّ المُبادرة الخليجية قزَّمت ذاك الحُلم إلى أنْ أصبَح بِحجم " عُقلة الإصبع " ..! يلهو في أروقة " الموفنبيك " يقفزُ فوقَ جدرانه ويعبثُ بمحتوياته وبالثورة وبأحلامنا معه..! نعم.. كُنا نحلم " بيمن مثالي " مغاير لواقع دولَ الربيع تحذو حذوه الآمة العربية والإسلامية؛ فإذآ بنا نستيقظ على كابوس مُزعج أشبه ما يكون - مُجسداً- بعجوزٍ شمطاء تُمشِّطُ وجهها المُجعَّد كالأخاديد بمشطٍ مِن حديدٍ - تَعلو شفراته كُتلٌ مِن نار- وتُحيلهُ الى خرائط مُمزَّقة دامية مُحترقة وهي تصرُخ أريدُ الانفصال عَن وجهي أو تقسيمه إلى أقاليم ..! نعم.. لقدِ استلب مؤتمر الحوار الثورة وأحلامنا واختزل كُل اليمن في مشروع انفصال قبيح..! استبعد اليمن وهموم اليمن وأحلام اليمن مِنْ كُل برامجه ولا حديثَ لـهُ في مُعظم أوقاته سِوى الانفصال والحوار الجنوبي الجنوبي وحوار الزُّمرة مع الزُّمرة وحوار الزمرة مع الطُغمة وحوار "الزمرة مع التاريخ وحوار بن عمر مع آل البيت ومع بني اميه وحواره مع الطغمة والزُمرة في كُل شوارع دُبي ولندن تحتَ الشمس تارةً وفي جُنح الظلام تارةً أخرى وكل تلك الحوارات ترتكزُ - في مُجملها - على شيءٍ واحدٍ فقط " كيفية تقسيم اليمن على الرفاق ومن يدور في فلك الرفاق " وليذهب الوطن وساكنوه بعد ذلك إلى قعر الجحيم ..! نعم ..لقد سمعنا وقرأنا في التاريخ عن ثورات تؤخذ من الأوطان وعَن ثوراتٍ تلاشت في ذاتها وعَن ثورات عادت إلى ما قبلها, لكنَّا اليوم نَشهد ونعيش حدثاً تاريخياً غريباً " ثورة تُغتصب بكل وقاحة وشعبٌ بأكمله تـُفتت وحدته وتُقسم تحتَ سمعهِ وبصره خارطته الجغرافية والديموغرافية " يتمُّ ذلك في أرقى فنادقه والكُل يُحملق في السماء علَّها تُساقط على ذاك الفُندق وبعض متحاوريه كِسفاً أو حِمماً سوداء مُلتهبة أو على الأقل طيراً أبآبيل تَرميهم بِحصى مِنْ صنعاء وعدنْ وكُلُّ محافظات اليمن ..! ولأول مرةٍ يتمنَّى الشَّعب أن يرحَل عرَّاب وشيخ ذاك المشروع الانفصالي اليساري المُخضرم المُعتَّق " جمال بن عمر" لكنَّ السماء وتمنياتنا لن يَتحقق منها شيء قبلَ أن نبادر إلى مآ يجب علينا فعله بوقف تلك المهزلة وإنهاء " مسرحيةَ الموفنبيك الهزلية " التي بآت التندُّر عليها يصدرُ حتَّى مِن الأطفال وأشباه المجانين..! لقد أيقظتنا وثيقة " الستاعشريه" وأشعلت فينا جذوة الثورة من جديد, لكن هذه المرة ستكون ثورةً بحجم وطن يُهدَّد في وجُوده وكيانه.. وسيُصبح شِعار تلك الثورة وعنوانها " اليمن المُوَّحد فوق الموفنبيك" وفوق المبادرة الخليجية وفوق مَجلس الأمن وفوق كل " أحمق" يُفكر المَساس بها أرضاً وإنساناً وتاريخاً وحضارةً.
د/ عبدالله الحاضري
الوحدة أو ثورةٌ بِحجمِ وَطنْ!! 1582