كتبت أكثر من مرة عن التمييز العنصري بين الأموات, فميت نقيم الدنيا ولا نقعدها لمقتله, وآخر مستريح ومستراح "زي ما جاء زي ما راح".. شهيد نعرف سيرته الذاتية من لحظة نوى أبوه أن يخطب أمه, وشهيد لا ندري حتى ما اسمه.. شهيد تطبع صوره وتوزع وتعلق على الجدران وتظل تعرضها القنوات ليل نهار, وشهيد لا تعرض حتى جثته.. شهيد يلقى أبنائه الرعاية المحلية والدولية من بعده, وشهيد يخصم من معاشه..
عشرات الجنود يقتلون هنا وهناك "ولا من شاف ولا من دري", ولا لهم إعلام يروي قصتهم ولا أحزاب تطالب بمتابعة الجناة وتطبيق شرع الله فيهم, ولا مسيرات تخرج وفاءً لهم, ولا حكومة تهتم بذلك.. ٥٩ جندياً, شهيداً, يعني ٥٩ بيت مكلوم, يعني ٥٩ أرملة, يعني عشرات الأيتام, كل هذا والإعلام العفن يرقص ويغني أو يعرض صور مجازر سابقة لأغراض سياسية, ووزير الدفاع بسلامة لحمه ودمه سافر للصين سافر للصين, قد عزموه يسرح بكين يسرح بكين وبالأوضاع مش مهتمين مش مهتمين.. يتشدقون بأنهم يطالبون بالمواطنة المتساوية للأحياء وهم لم يساووا بين الأموات, أليس للجندي روح ودم؟, أليس لهم أهل وأبناء؟.
الجندي هو أحد أبناء الوطن الأوفياء وليس كائناً فضائياً من كوكب فيجا يا جرنديزر.. أكلتم حقوقه وهو حي وميت.. لو أنهم ماتوا فداءً لحزب أو لجماعة أو لطائفة لاختلف الوضع, ولكنهم ماتوا فداءً للوطن, كل الوطن.. وكل يبكي على ليلاه إلا الجندي لا بواكي له.
أحلام القبيلي
إلا الجندي لا بواكي له 1838