حاولت مراراً أن أصرخ بأعلى صوتي فخانني الصوت كثيراً وأرتدّ إليَ خاسئاً وهو حسير، لم أجد ما أصُّبّ به انفعالي لإراقة مداد الحسرة, لكنني وجدت بياض الورق الرحيم فكتبت عن مصائبنا التي تكاثرت حولنا كالجراد المنتشر بين الحقول..
هناك مصائب تترى حولنا تنهش جسد البلد، فلو تحدّث عنها الآباء والأجداد والأطفال والنساء الباحثات على لقمة العيش في الشارع لابيضت رؤوس الشباب واكتأبت نفوس الضعفاء ولمات خلق ٌكثير!!.. كم من مُعسرٍ مات مسجوناً قبل أن يُطبّق عليه الحُكم الشرعي, وكم من مريضٍ مات أثناء عملية جراحية جرّاء انقطاع التيار الكهربائي فجأة..
كثيرة يا أمّة الحكمة مصائبنا التي لا حصر لها، فتضميد الجراح والتئامها لابد أن تنتهي بتضافر جهود الطبيب المخلص الذي يقدّم لوطنه خدمة واجبة شرعاً ومنزّلةٌ عليه قانوناً دون الرجوع إلى الذين يتنكرون من وطنيتهم لينالوا منه طمعاً بثرواته وحباً بخيراته.. لقد كبرنا وأصبح التخلُّص من المرارة مستحيلاً، لم تتغير تلك المشاهد المؤلمة ولم يتوقف المحرّضون الذين جعلوا التحريض مهنةُ ورثوها منذ الزمن البعيد.
لقد تابعنا مشاهد العنف وعشناها من قبل ونعرف كيف تبدأ ولماذا لا تنتهي، لكننا أيضاً نريد أن نفهم منطقياً متى يتوقف العنف والتحريض, ألم يستمع اليوم المسلّحون الجُدد وغير الجُدد أيضاً على اختلافاتهم الحزبية والمذهبية لهذه التناقضات التي تتحكم في البلد؟, فالذين يحملون السلاح في وجه الوطن ليسوا أبطالاً للحروب, بل عُبٌّاد الفتن, فدفعوا بعض الشباب إلى صناعة الحروب والمتاجرة بهم بأبخس الأثمان..
كفى هدر الدم وحمل سلاح الموت أيها المشمّرون نحو الطريق المتعثرة، فالمصائب سوف تزول عمّا قريب واليمن الجديد سوف يشرق بنوره من الشمال إلى الجنوب ولو كرِه المرجفون.
خليف بجاش الخليدي
مصائب قوم عند قوم فوائد 1342