آن الأوان لحظر الشيوعية والأحزاب اليسارية وتشكيلاتها السرية والعلنية، ووضعها في خانة المذاهب الهدامة التي تعمل على هدم الوطن وتخريبه، بل سرقة عرقه الذي يبذله الفقراء والكادحون والبسطاء.. فقد أثبتت الأحداث الأخيرة ومنذ ثورة يناير أن الشيوعيين واليساريين على تعدد مسمياتهم وتنظيماتهم يعملون على إثارة القلاقل والاضطرابات وحرمان الوطن من بناء مؤسساته الديمقراطية والتشريعية التي تعبر عن إرادته الحقيقية ورغبته الأصيلة. وأنهم لا يتورعون مع أنهم أقليات ضئيلة لا وجود لها في الشارع؛ عن القفز على السلطة بالخداع أو ركوب جنازير الدبابات، وأنهم في سبيل ذلك لا يمانعون من التحالف مع المغامرين والخونة ليصلوا إلى سدة الحكم والسطو على حرية الشعب وحرمانه من حريته ومنعه من ممارسة دينه ومعتقداته تحت دعاوى زائفة.
لقد صدعونا بالحديث عن الحرية والديمقراطية وحق المشاركة، ولكنهم للأسف لا يقصدون بذلك التطبيق المطلق، ولكنهم يقصرونه على فصائلهم وتنظيماتهم المختلفة، أما الأغلبية الساحقة من المواطنين التي تنتمي إلى الإسلام فلا حق لها في الحرية ولا الديمقراطية ولا حق المشاركة.
ولعلنا نتذكر أن الشيوعيين واليساريين منذ احتلال جمال عبد الناصر لسدة الحكم عام 1954، وبعد أن أدخلهم السجون والمعتقلات خرجوا بإرادة سوفيتية تحققت قبل زيارة خروشوف إلى مصر عام 1964؛ حيث انتقلوا من الزنازين ومعسكرات الأوردي إلى إدارات الدولة المختلفة وتركزوا في الصحافة والإعلام والثقافة والتعليم والحزب الحكومي الحاكم سواء كان اسمه الاتحاد الاشتراكي أو التنظيم الطليعي أو الحزب الوطني أو الأحزاب الكرتونية الموالية له مثل حزب توتو والكرامة والناصري.. وكانوا في سيطرتهم على مفاصل الدولة أشد ديكتاتورية ووحشية في إقصاء الأغلبية وتهميشها، بل استئصالها وملاحقتها بالاعتقالات والمحاكمات الاستثنائية الظالمة والحيلولة دون التحاق أبنائها بالأجهزة السيادية والجيش والقضاء والنيابة والجامعات والشرطة، فضلاً عن الوظائف العليا في الحكومة أو الوزارة.
لقد أتيح لهم على مدى ستين عاماً أن يضعوا الدستور الذي يتفق مع هواهم وأن يزوروا الانتخابات التي تأتي بهم وبالمنافقين والانتهازيين الذين يوالونهم ويخدمونهم، ويحرمون كل وطني شريف من حقه ولو فاز بأغلبية الأصوات وخاصة إذا كان مسلماً يحرص على إسلامه وتطبيق شريعته، لقد كانوا يصوغون القوانين التي تحقق أفكارهم ومطامعهم، بل تمنحهم فرصة السطو على أموال الدولة وأراضيها وامتيازاتها بصورة آمنة.
وقد كان موقف اليساريين المخزي والمخجل بالصعود على جنازير الدبابات في الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع في الثالث من يوليو الماضي وصمة عار في جبين الشيوعيين واليسار من ناصريين وأناركييين وثوريين اشتراكيين وطليعة ثورية وغيرهم، وأثبتوا للدنيا أنهم لا يعيشون بأقلياتهم الانتهازية إلا في ظل حكم غير شرعي لا يعبر عن الشعب ولا تؤيده الأغلبية الساحقة ولا تقبله. إنهم يعيشون مع نظام انقلابي يكرس الطوارئ وحظر التجوال ومحاكمة المدنيين أمام محاكمات عسكرية واعتقال المعارضين وأسرهم وتوجيه التهم المعلبة الباطلة إليهم.
لقد أيد الشيوعيون الانقلاب على الدستور والشرعية واختطاف الرئيس الشرعي المنتخب من أجل مصالحهم الضيقة، ولم يخجلوا من إعلان رفضهم لهوية الأمة وانتمائها الأصيل منذ أربعة عشر قرناً، وهم يكتبون الآن للانقلاب العسكري الدموي الفاشي دستورًا على مقاسهم ومزاجهم يستأصل الإسلام من المجتمع والقانون والتعليم والأخلاق والقيم العامة، ثم يجدون في أنفسهم الجرأة الوقحة ليزعموا أنهم يكتبون دستوراً مدنيّاً!.
إن عدوانية الشيوعيين واليساريين ضد الإسلام والمسلمين لم تعد سراً، ولا تجري في الخفاء ولا تتحرك عبر مصطلحات مراوغة، ولكنها تعلن عن نفسها جهاراً نهاراً على وقع البيادة العسكرية المغتصبة للسلطة.. ومع كل الادعاءات عن الديمقراطية والخيار الديمقراطي فهم يعلنون أن دستورهم الانقلابي سيلغي أو يحرم الأحزاب الدينية، أي الإسلامية، فهم لا يجرؤون على الاقتراب من الأحزاب الدينية غير الإسلامية التي تقف وراءها الكنيسة أو ساويريس، بل لا يستطيعون توجيه كلمة إليها مهما عبرت عن طائفية مقيتة وعدوانية بشعة ضد الإسلام دين الأغلبية الساحقة وهويتها وثقافتها وحضارتها التي هي حضارة المجتمع كله.
لقد خرج أحد الشيوعيين ويصفونه بالفقيه الدستوري ليطالب بضرورة الحظر الفعلي للأحزاب الدينية (يقصد الإسلامية) لما تمارسه من تفرقة بين المواطنين على أساس الدين!.. مضيفاً أن جماعة الإخوان من الجماعات التي تمارس التفرقة الدينية بين أبناء الوطن!، وطالب بحظرها، واصفاً إياها بالجماعة الخارجة على القانون!.
وقال المذكور على إحدى الفضائيات إن مصر تسير قدماً نحو المسار الدستوري الديمقراطي, وإنه لا خوف على مصر مادامت خارطة الطريق تسير في مسارها وموعدها، زاعماً بأن الخصومة بعد 30 يونيو بين الإخوان والشعب وليس النظام الحاكم، وأكد أنه لا يمكن لأي فصيل أن يهزم الجيش المصري.
وأثنى الشيوعي الكذاب على اللجنة (الشيوعية) الحالية لتعديل الدستور ووصفها بالجيدة والمبشرة بالخير ووجه رسالة للإخوان قائلاً لهم:" فات أوان التربص بمدنية الدولة المصرية ولن يسمح المصريون بعد ذلك بوضع نصوص كنص المادة 219 كان من الممكن أن يؤدي لتحويل مصر لدولة دينية في المستقبل"!.
الشيوعي الكذوب يتحدث عن التفرقة بين المواطنين على أساس ديني، ولو كان المسلمون يفعلون ذلك ما وصل هو وأمثاله من الشيوعيين واليساريين والطائفيين المتعصبين إلى صدارة المشهد الحالي، ولكن تسامح المسلمين الذي يصل أحيانًا إلى درجة السذاجة والعبط، بل الهبل يجعلهم يتساهلون مع أعداء دينهم الذين لا يتساهلون معهم ولا يتسامحون، بل يسعون بكل السبل إلى القضاء عليهم وتغييبهم في السجون والمعتقلات وحرمانهم من أبسط حقوق الإنسان وهي حرية الاعتقاد وممارسة شعائرهم.. وهاهم الشيوعيون واليساريون يقلبون الحقائق ويطالبون بإلغاء الأحزاب الإسلامية التي تملك الشرعية والشعبية بينما الأقليات الشيوعية لا تملك إلا الكذب والتضليل والتدليس، والصعود على مجنزرات الانقلاب.
أعتقد أنه من الواجب بعد كسر الانقلاب بمشيئة الله وعند تعديل الدستور بوساطة نواب الشعب المنتخبين، أن يكون تحريم الشيوعية والتنظيمات اليسارية على رأس الأولويات للحكم الشرعي بوصف الشيوعية عقيدة فاسدة مدمرة والأحزاب اليسارية تنظيمات إرهابية دموية مخربة؛ ليستقر المجتمع ويبني مستقبله ومصيره وفقاً لإرادته.. فمن العار أن يحظر الإسلام في بلد الإسلام وتمرح نظرية شاذة لفيلسوف شاذ!.
د. حلمي محمد القاعود
حظر الأحزاب الشيوعية واليسارية! 1847