الثورة أمر بمعروف ونهي عن منكر, الثورة تصحيح مسار وإصلاح إعوجاج, الثورة بناء ومحبة, الثورة ليست انتقاماً أو إقصاء أو تصفية حسابات, الثورة أخلاق وقيم ومبادئ وأي ثورة تنحرف عن القيم تتحول إلى فوضى..
ثورات الربيع العربي كانت نتاجاً لغياب الديمقراطية الحقيقية وعدم قدرة الشعوب على التعبير عن إرادتها واختيار حكامها بطريق حرة ونزيهة بسبب هيمنة أنظمة فردية مستبدة فاسدة, لذلك خرجت الشعوب إلى الشوارع لتعبر عن إرادتها التي حرمت من التعبير عنها من خلال صناديق الاقتراع كما يحدث في باقي دول العالم, وهذا هو السبب الرئيسي لثورات الربيع العربي.
لا أخفيكم القول أن ممارسة بعض ثورات الربيع العربي لاسيما الثورة المصرية لسياسة إقصاء رموز النظام السابق وعزلهم عن ممارسة حقهم في الحياة السياسية أدى إلى حدوث انتكاسة لثورة وعدم تحقيق أهدافها وعودة النظام القمعي من جديد, كان على قوى الثورة أن تعمل على تفعيل القانون ومحاسبة من اجرموا من خلال القضاء أما أن يتم حل حزب وعزل جميع أعضائه من المشاركة في الحياة السياسية فهذا لا يتماشى مع قيم الثورة وكان هذا التصرف سبباً في الثورة المضادة التي قام بها هؤلاء بدعم من الدول التي لا تريد الخير لمصر ولا لثورات الربيع العربي أن تحقق أهدافها.
أثبتت الأيام أن تجربة الثورة اليمنية هي الأفضل والأمثل, فتوافق اليمنيين على مخرج مناسب يرضي جميع الأطراف ويحقق الشراكة من دون إقصاء أو تهميش أي طرف, تمثل في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وفتح أمام اليمنيين فرصة تاريخية لبناء دولة ديمقراطية حديثة, والأمور تسير حتى الآن سيراً حسناً ومؤتمر الحوار الوطني الشامل في مراحله الأخيرة ومن خلاله سوف يتم تحديد ملامح اليمن الجديد الذى يحقق تطلعات كل اليمنيين بإذن الله تعالى.
ما أتمناه أنا شخصياً هو الخروج برؤية توافقية ونظام انتخابي يستطيع من خلاله المواطن أن يعبر عن إرادته بكل حرية وشفافية ويختار من يريد بعيداً عن هيمنة السلطة والمال والقوة, وهذا هو الطريق الأسلم لتحقيق الاستقرار والتقدم وحل كل المشاكل والقضايا.
أعتقد أن النظام الانتخابي القائم على القائمة النسبية هو النظام الأمثل الذى سوف يمكن كل القوى السياسية والفعاليات الجماهيرية من التعبير عن نفسها وتحقيق تواجد على الساحة وهذا كفيل بمنع الإقصاء والتهميش الذي قد تمارسه بعض القوى تحت شعار الأغلبية الكاسحة كما حدث في السنوات الماضية أيام تفرد المؤتمر الشعبي العام بالحكم بسبب حصوله على أغلبية مقاعد البرلمان تغيب بقية القوى عن المشاركة في صناعة القرار, وهذا كان نتاج النظام الانتخابي القائم على نظام الدائرة الفردية الذى لا يتيح لكل القوى أن تعبر عن حجمها الحقيقي, كما أنه يحرم البلاد من كفاءات وقدرات لا تستطيع الوصول إلى البرلمان بسبب هيمنة المشايخ ورجال المال والأعمال على المشهد الانتخابي.
تيسير السامعى
هواجس ثورية 1266