يتطلع الشعب اليمني وينتظر بمزيد من الشوق واللهفة ومزيد من الفرحة والبهجة إلى مخرجات الحوار الوطني الذي سينتهي هذا المؤتمر في 18سبتمبر, وما أجده في نفسي من سرور وحبور يرفع من معنوياتي, ويعينني على مجابهة تحديات الزمن هو الأمل المنشود الذي يتطلع إليه العالم بأكمله, كون اليمن قد خط لنفسه مرحلة يحتذى بها, هذا بحسب تصريحات المسؤولين الأمميين واليمنيين, ما جعلنا ننتظر مخرجات الحوار الوطني الواعدة إن شاء الله بما يصبو ويطمح إليه شعبنا اليمني في الرخاء والتقدم والعيش الكريم بعد الشقاء والبؤس المسيطرين على الظروف المعيشية الصعبة التي سببتها الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتشابكة والمعقدة التي أفرزتها المناكفات السياسية التي مرت بالبلد والتي كادت أن تستفحل في الشعب اليمني, وتشق صفوفه لولا حكمة الله..
إلا أن هذه المخاوف لاتزال معشعشة في عقولنا ووجداننا وثقافتنا والتي نأمل ومن خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي يضم كل مكونات وأطياف المجتمع اليمني أن نتخلص من جميع أسباب وعوامل الخلافات السياسية بوسائل الوعي الوطني المسؤول الفاعل والتسلح بالعلم وغرس قيم الدين وحب الوطن, بدلاً من الاستغراق في حب الذات والأنانيات والمصلحيات التي تخرب وتدمر كل شيء بدءاً من البيت فالحي فالمدينة فالقضاء فالمحافظة فالوطن بنهاية المطاف.
إن الشعوب المتنورة التي تراعي مصلحتها من خلال مصالح الوطن هي الشعوب التي تبني أوطانها وتحافظ عليها وتحترم تراثها وماضيها وتبني حاضرها وتعمل لمستقبلها, إذ لا تستقيم حياة المجتمعات ما لم يلتزم أفراد وشرائح المجتمع بتعاليم الدين الإسلامي بعيداً عن الغلو والمبالغة بل والتمسك بالقيم الأخلاقية الفاضلة الكريمة والانصياع للقوانين السائدة وعدم مخالفتها لتحل قيم الحرية المنضبطة والعدالة والمساواة والروح الديمقراطية الحقة وعدم ممارسات المكر والخداع والنفاق في القضايا والعلاقات العامة والخاصة بين أفراد المجتمع بين الرئيس والمرؤوس.. وأيضاً تفعيل أسباب العقل والمنطق المتسلح بالعلم مكان الجهل والتخلف.
وعلى كل أمرئ منا, كان في الحوار أو خارجه, أن يعي أسباب وعوامل الهدم والتخريب وكذلك أسباب البناء والإعمار, فينبذ الأولى وينشد الثانية, فبذلك ستسير أمور البلاد إلى البناء الحضاري والسلم الاجتماعي.. وبما أن أي بناء حضاري في حركة أي مجتمع يهدف إلى تحقيق إصلاح شامل في شتى المجالات الحياتية يجب أن يكون وفق تصور شامل لدور الفرد كي يؤدي مهمته على أكمل وجه, فمجتمعنا اليوم يعاني من تأثير التغيرات السياسية العالمية والمجتمع ككل أصبح يعاني من:ـ
- تدهور حتى في السلوك المشين المنبوذ إسلامياً وإنسانياً.. وهدر لحقوق الإنسان.
- إضعاف حركة التقدم في البلد النامي وإشعال الصراعات الداخلية بين الشعب هوما يترتب عليه تدمير القيم والأخلاق وضعف العمل الجماعي وتسيد السلوك الفردي ويقابله غياب بناء اقتصاد وطني مستقل قادر على رفع النمو والتجدد واعتماده على إمكانياته الذاتية.
إن أعضاء مؤتمر الحوار الوطني بحاجة إلى إعلاء شأن قيم الاستنارة والسماحة والعقلانية وتغليب مصلحة الوطن العلياء فوق كل المصالح الذاتية والعمل والاجتهاد.. والروح الجماعية حتى نتسلح بثقافة التغيير من أجل التنمية.. والتنمية عملية تغيير شامل في مجمل أوضاع البلد اقتصادياً, اجتماعياً, سياسياً, ثقافياً, تعليمياً وبيئياً.. الخ, للوصول بالبلد إلى الأفضل.. ولكي تٌحقق التنمية أهدافها فإنه يجب أن تعتمد البلد على قدرتها وإمكاناتها ومواردها وأن تستلهم تراثها وثقافتها وقيمها الإيجابية في تحديد أهدافها وغايتها.. هذا ما نتمناه من مخرجات الحوار الوطني والذي سار الشعب اليمني يراهن عليه في شتى حياتهم المعيشية والبناء والتنمية المستدامة.
أخيراً لا يسعني إلا أن أقول لأعضاء مؤتمر الحوار الوطني: مستقبل اليمن بأيديكم, يجب عليكم ألا تفرطوا فيه, فالتاريخ لن يرحمكم إن فرطتم في مستقبل وطنكم.. وفقكم الله لما فيه مصلحة اليمن وشعبه.
صالح عبدالله المسوري
أيها المتحاورون: ماذا يجب علينا نحو الوطن؟ 1987