إن المتأمل في ثورات الربيع العربي يجد أن تلك الثورات لم تصل بعد – وإن كانت في منتصف الطريق – إلا أنها لم ولن تتوقف أو تموت فمهما تحالف الفلول والعبيد وقوى التآمر والادعاء في كل بلدان الربيع مع كل قوى الشر والاستبداد العالمية للقضاء على تلك الثورات ؟ فإن أي قوة – مهما كانت – لن تستطيع القضاء على ثورات الشعوب وإيقافها .
إن تلك الدماء الزكية والأرواح الطاهرة , وتلك الآلام والجراح لن تذهب سدى , وإن ذلك النور الذي صنعته تلك الدماء والأرواح الزكية الطاهرة لن ينطفئ ولن يتوقف بل إنه سيمتد حتى يملأ أرجاء الأرض وكل الأفاق .
إن شعوب هذه الأمة التي خرجت لانتزاع حقوقها وحريتها واستعادة كرامتها وإرادتها وامتلاك قرارها لن تتوقف أبدا ولن تعود إلى حضيرة العبيد المستبدين مهما حاولت قوى الطغيان والاستبداد وعبيدها وأذيالها وأذنابها و إعاقة المسيرة وتشويه المسار, فتلك المراحل النضالية والمعارك الاستحقاقية قد أسقطت كل الأقنعة , وكشفت كل الوجوه وميزت بين العبيد والأحرار وأصبح ما يجري وما تمر به الثورات اليوم واضحاً لا يخفى , وبه فإن ما سيأتي سيكون أكثر وضوحا للجميع . وإن كان ما نمر به اليوم أشد صعوبة وأكثر تحدياً وإن أصبح الاستبداد أكثر دموية واقوى ضراوة وأبشع وحشية وعنفاً.. أمام تلك الصدور العارية الخالية إلا من الإيمان والتقوى والثقة بربها الأعلى الأقوى .
أقول وإن كان المستبد شرسا همجيا قذرا ومتفوقا ماديا وإعلاميا وعسكريا وجهلاً ... إلا أن ثورات الربيع التي يسعون إلى إفشالها أو السيطرة عليها – قد أصبحت أقوى وأشد من كل المستبدين – وأن الثوار الأحرار أقوى صبراً وتحملا لكل ما هم فيه وما سيواجهون وأكثر حنكة
ودهاءً ودراية لما يجب عليهم القيام به واشد عزما وإصرارا على خوض كل الملاحم القادمة والتي يعلمون جيدا أنها ستكون أشد وأعتى إلا أنهم بإيمانهم الراسخ وصدق الأخلاق والإرادة الصلبة وعزة النفس وعشق البذل والتضحية أقوى وأشد وأكبر وأصلب أنهم في سبيل انتزاع الحرية واستعادة
الكرامة وامتلاك القرار قد بذلوا وسيبذلون أغلى ما لديهم وخاضوا وسيخوضون كل الملاحم.
معاذ غالب الجحافي
ملاحم فن امتلاك القرار 1242