أنا أقول من أننا ربما نكون البلد الوحيد من بين بلدان العالم الذي لا ندقق ولا نستفيد بتوفير المواصفات المطلوبة عند التحاق الأشخاص بالسلك الدبلوماسي بل أن كل من يلتحق بوزارة الخارجية مقبول بكل علاته. ومثل هذا الإجراء غير سليم ولا صحيح لأن أي شخص يريد أن يلتحق بهذه الوزارة وخاصة السلك الدبلوماسي لا بد من أن تتوفر المواصفات المطلوبة لشاغل المنصب الدبلوماسي, حيث أن الدبلوماسي, له مواصفات عامة وخاصة, من حيث المواصفات العامة في تقديري لا بد أن يكون حاصلاً على التعليم الجامعي والأكاديمي ويجب أن يكون قادراً على قدر عظيم من الدبلوماسية التي تعتبر حصيلة العلوم الأخرى.
بمعنى أنه لا يكفي التخصص الجامعي ولكن يجب أن يكون هناك استعداد وميل للحياة الدبلوماسية ، لأنها تتعلق بقضايا هامة وعظيمة وخاصة في التعامل الإنساني سواء في شكله الرسمي أو شكله الشعبي وان يكون لديه القدرة والمواهب الدبلوماسية وأن يكون عليماً بثقافة بلده وحضارتها حتى يستطيع أن يؤدي مهمته في الدولة التي يكون سفيراً لدولته فيها، هذا بجانب الموهبة في تكوين العلاقات العامة والقدرة على شرح القضايا إلى جانب صفات أخرى وهي الأخلاق والشرف رغم أن بعض الناس يقولون إن السياسة بالمفهوم ( المكيافيلي) لا علاقة لها بالأخلاق وأنا شخصياً أقول أن السياسي يجب أن يكون قدوة في تصرفاته وسلوكياته ومحدثاً جيداً وقادراً على كسب الناس – أيضاً مظهره العام يكون(عال العال). كما أن مهنة الدبلوماسي ليست مهنة السعادة لأنها مليئة بالمشاق والمهام الصعبة, تعد مهنة محفوفة بالمخاطر والصعاب ولكنها ممتعة كما نؤكد هنا من أن السفير يستمد نجاحه وأهميته من حضارة بلاده وقوة فنونها وتراثها وأن يجيد اللغة الإنجليزية لغرض التحدث بها مع الوفود الأجنبية لأنها مهمة في حياة الرجل الدبلوماسي حتى وأن كان سفيراً في أحدى الدول العربية .
أضف إلى ذلك بأن حياة الدبلوماسي تختلف من بلد إلى بلد آخر, فهناك بلاد فيها حرية الانطلاق وبذلك لا يشعر فيها بالغربة وهناك بلد له تقاليد معينة قد لا تسمح للدبلوماسي فيها بمغادرة العاصمة إلا بعد الحصول على إذن من السلطات، وهناك أخطار معينة في بعض البلدان الأخرى بسبب اضطرابات أو كوارث طبيعية وأحياناً ما يكون موقف بلد مغايراً لسياسة البلد الذي يعمل به الدبلوماسي لذلك يكون مثل الغريب في هذا البلد ولا يلقى الترحيب, بل يكون محاصراً.. إنها تعتبر هذه المهنة الدبلوماسية صعبة وتشقي من يعمل بها ولكنها في نفس الوقت مهمة سامية لا تقل عن أي جهاد في سبيل الوطن الذي ينتمي إليه الدبلوماسي.
إن الدبلوماسي في حقيقة الأمر يعمل بالكلمة ويحارب بالكلمة وأي تصريح يكون محسوباً على الدبلوماسي ويتحمل النتائج المترتبة عليه، لذلك نقول: إذا كانت مهمة الدبلوماسي صعبة, فهي في نفس الوقت ممتعة بالنظر إلى ما يحققه لبلده. كما أوضح في نهاية موضوعي هذا من أن الدبلوماسية تعتمد على رصف وصف الكلمات بلباقة يتراقص معها المعنى والموقف بين الالتباس والمقصود.. هي فن الموازنة بين المضمر والمعلن . كما أوضح أيضاً أن السفراء نوعان:
سفير: منغلق منكفئ على ذاته انطوائي بطبعه، لا هم له إلا الترصد والكسب غير المشروع بما معناه في نظره Business is Business))))
وسفير: مفتوح المسام- اجتماعي – حريص على كل يمني من العامة إلى الصفوة وسفيرنا في الأردن د.شائع محسن من النمط الثاني.
أحمد عبدربه علوي
كلمة عن الدبلوماسية 1464