في جولة عيدية بأحد شوارع المدينة الحالمة والقاذورات تحيطها من كل الجوانب والروائح العفنة تعطر الأجواء أمام أحد المطاعم التي تفتقر إلى النظافة والعاملون فيه يصيبونك بالغثيان, رغم أنه من أشهر مطاعم المحافظة.. وقفنا ننتظر تجهيز طلباتنا, فإذا بي أرى مجموعة من المسلحين يملأون المكان, لكن الشهادة لله كانوا قمة في النظافة "يمكن لأنه عيد".. المهم ما هي إلا لحظات وخرج شيخهم حاملاً بندقيته وأخذ يوزع عليهم مبالغ مالية, ويدسها في جيوبهم حالفاً يمين الطلاق أنها حقهم, بعد أن دفع قيمة الغداء.. ثم ركبوا سيارتهم الفارهة ذات الزجاج العاكس.. كل هذا وأنا ارقب الموقف متعجبة: أنا في تعز وإلا في شيكاغو!!.
والمشكلة ليست في المشيخة والمرافقين, لكن المشكلة في حمل السلاح وإرهاب الآمنين والهنجمة على خلق الله وتشويه المشهد المدني, وقلت لهم طبعاً بعد أن غادروا:" جتك نيله أنت والمرافقين حقك وأنت فاكر أنك في قمة الهنجمة يا متخلف"..
المهم في الأمر أنك إذا زرت تعز وكنت تعرفها من قبل فحتماً أنك لن تصدق أنك في تعز وستغير رأيك في كل ما كان يقال عنها بأنها منبع الثقافة ومهد المثقفين والمدينة الحالمة ومدينة الأدب والفن والرقي, وستجد نفسك في بقعة من الأرض مشحونة بالمسلحين والبلاطجة والمخربين والهمجيين, وثلة هائمة لا لها ولا عليها, مسكنها الشوارع والأسواق, وثلة لا شغل لهم ولا مشغلة إلا الصياح والنياح.. كما أنك ستجد عادات قبيحة حصرياً على تعز مثل عادة "الدوشنه" واستخدام الميكرفونات في الأعراس وبشكل مقرف, واستخدام الأعيرة النارية الخفيفة والثقيلة ليل نهار".. وصدق من قال "قل الولف عنا", حتى الاهتمام بالملبس الذي كان يعرف به أبناء تعز لم تعد تراه, وسادت بين الشباب ثقافة القذارة والشعر الطويل والثوب القصير, حتى الطائفية ستجدها في تعز..
"أنا من تعز العز, تعز فوق الجميع , تعز وإلا بلاش أما الباقي تحت الفراش", وغيرها من الشعارات التي نسيتها لحظة كتابة الموضوع, وقالك ثقافة وعاصمة المثقفين.. يا جماعة: الثقافة إذا لم تترجم إلى أفعال فليست سوى لقافة.. وغبني على تعز.
أحلام القبيلي
كانت تعز..! 1854