إن العيون لتدمع.. وإن القلوب لتحزن.. وإن الأكباد تكاد تنفطر على ما تمر به أرض الكنانة؛ لقد زادت حالة الانقسام، وأريقت الدماء، ومستقبل لا يعلمه إلا الله، هذا الحال لا يرضى سوى أعدائنا ومخططاتهم، لقد عُقدت الاجتماعات، ووُضعت المؤامرات، وأُنفقت المليارات للتنفيذ؛ للنيل من هذا الوطن ووقف تقدم ثورته، بل والعودة به للأسوأ.. فهل نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا؟! وهل ننجر للأسوأ ونُسهم -بقصد أو دون قصد- في ذلك؟!
إن الأعداء قد جهروا بمؤامراتهم لتدمير وطننا.. ألا يوجد رجل رشيد يضمد الجراح، ويوقف الدماء، ويوحد أمتنا على ثورتها التي اتفق عليها الوطنيون أنها تصب في صالح أمتنا.. أم نصمت حتى تُسرق ثورتنا..؟! وهنا أنقل اعترافات رئيــس وكالــة المخابــرات الأمريكيــة السابــق "جيمــس وولســي" عن الدول العربية وخصوصاً الإسلامية: "سنصنــع لهــم إسلامــاً يناسبنــا، ثــم نجعلهــم يقومــون بالثــورات، ثــم يتــم انقسامهــم علــى بعــض لنعــرات تعصبيــة، ومــن بعدهــا قادمــون للزحــف وســوف ننتصــر.. إننا سننجح في النهاية كما نجحنا في الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي".
وأنتقل للطرف الآخر من الحلف الصهيوأمريكي، وإجماع جنرالات في الجيش الصهيوني على احتمال قيام حرب أهلية في مصر بعد دخول الجيش معترك السياسة وانقسام الشعب المصري، معتبرين أن هذا أكبر خدمة قدمها لهم، حيث سيضعف هذا الجيشَ المصري ويشغله في الصراعات الداخلية لعشرات السنين ويبعده عن تهديد الدولة الصهيونية مستقبلاً أو تطوير قدراته.
وأجمع كل من: "دان حالوتس" رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني الأسبق، و"عاموس جلبوع" رئيس لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية سابقا، و"رؤفين بيدهتسور" جنرال متقاعد على أن "أهم خطوة نجمت عن الأحداث الأخيرة في مصر ليست عزل مرسى وإسقاط حكم الإسلاميين، بل اندفاع الجيش المصرى نحو مسار لن يؤدى إلا إلى إضعافه، وإن هذا التطور يمثل مصلحة إستراتيجية عليا لإسرائيل"!
وأكد الجنرالات الثلاثة -في برنامج "وقت الذروة" الحوارى الذى قدمه (رازى بركائى) في إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش المصري هو الجيش الذى لا تزال إسرائيل تحسب له حسابًا كبيرًا، ولكنه الآن معرض للضعف بزجه في هذا الصراع الداخلي. نخشى أن تتحقق آمال أعدائنا، وندعو الجميع للحفاظ على مكان ومكانة جيشنا العظيم الذى يحظى بحب واحترام العائلة المصرية بكاملها باعتباره ملكا لكل مصري؛ فالجميع له أب أو ابن أو أخ يتشرف بخدمة الدفاع عن الوطن، أضف إلى ذلك عاملين لا يختلف اثنان عليهما، الأول: أن جيشنا لا يتحيز لأحد على حساب الآخر.. فهو مع المصريين جميعًا مدافعًا وحاميًا، الثاني: أنه بعيد عن ممارسة العمل السياسي الذى تختلف حوله الرؤى، ويحدونا الأمل أن يحافظ جيشنا على حب واحترام جميع المصريين لأنه حصننا الأخير الذى نحتمى به بعد فشل المؤسسات الدينية في ذلك واختلاف المصريين حولها.
ومن الأمور التي أسهمت في تعميق الفرقة وشق الصف بين المصريين، ما يتعرض له الإسلاميون من حملة إعلامية شرسة لا تعرف دينا ولا أخلاقًا ولا مهنية، حتى أصبح المجنى عليه متهما، والشريف جاسوسا، والوطنيون لصوصًا، ومن يعمل لدينه ويُستشهد إرهابيًا.
حملة فضائية عنيفة فرقت بين أبناء الوطن، تتخذ من الكذب والتضليل وقلب الحقائق وسيلة للنيل من المخالفين في الرأي، فعلى الإعلاميين مراجعة موقفهم بوقفة متأنية أمام ضمائرهم وإنسانيتهم، وعليهم أن يتذكروا أنهم سيقفون يوما أمام من يعلم السر وأخفى، ألا يعلم هؤلاء أنهم محاسبون على ما يقومون به من تحريض على القتل وتشويه للآخرين وتزييف للحقائق؟!
إن أمتنا في لحظة فارقة بين استكمال الثورة والتقدم، وبين الردة والتأخر.. فعلينا جميعًا أن نتحمل المسئولية ونتجرد لله تعالى ونقدم مصالح الأمة على ما سواها، علينا أن نعى مخططات الأعداء ونوقفها، علينا أن نوقف حمامات الدم والتناحر وشق الصف، علينا أن نتسامح لنلتقي في منتصف الطريق على أهداف ثورتنا التي نخشى من سرقتها، علينا أن نثبت على الحق لنقيم الدين كما أمرنا رب العزة عز وجل.. فهل من مجيب..؟!
*كاتب مصري
حسين أحمد حسين
هل نصمت حتى تسرق ثورتنا؟! 1156