;
محمود الحمزي
محمود الحمزي

الأربعاء الأسود في التاريخ 1612

2013-08-29 16:33:45


ساعات قليلة حملت في طياتها أحداث جسيمة وكبيرة لا يمكن تصرها على الإطلاق ، تلك الساعات القلائل سيخلدها التاريخ بأسوأ أيامه على الإطلاق ، وسيتذكرها ليس أجيال مصر لوحدهم، بل كل أجيال العالم، نتيجة الوحشية والهمجية وموت الضمائر وسحق كل معاني الإنسانية ، قتل خِيرت شباب وشابات مصر، بل قتل الأطفال والشيوخ والنساء أمام أعين العالم ولم يهتز وجدان أحد من دعاة الحرية والديمقراطية وكل المنظمات التي تدعى أنها تهتم وتدافع عن الحقوق والحريات..
لكن ما يبعث الأمل ويخفف المأساة هو حجم الشعور والتعاطف الشعبي في مصر وكل بلدان العالم مع تلك المذابح التي فضحت وعرت الكثير والكثير ممن باعوا إنسانياتهم بثمن بخس دراهم معدودة ، آلاف الشهداء وأضعافهم جرحى ومعتقلون كانوا كل ذنبهم أنهم عارضوا الانقلاب وحكم العسكر وهتفوا للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية فكان العسكر لهم بالمرصاد، أطلق العسكر وأجهزة الشرطة والبلطجية العنان لهمجيتهم وكشفوا عن وجوههم الحقيقية والقاتلة بيوم دامي تتفطر لهوله القلوب والأكباد ، يوم لا ولم يعرف أبناء مصر وشعوب العالم سوداوية ونازية كتلك اليوم، يوم الأربعاء الرابع عشر من أغسطس 2013م سيظل خالدا في التاريخ للأبد كيوم عار أبدي للجيش المصري ومن كان معه من جبهة الخراب والدمار وكل وسائل الإعلام والعاملين فيها، يوم مذبحة حقيقة أرهقت الأرواح البرية ولم تتلق تلك الأرواح حتى أبسط حقوقها فتعرضت الجثث للحرق والجرف ولم يكتفوا بذلك, بل أخفوا الجثث والأجساد عن أهاليهم في مشهد أقرب إلى الخرافة والأساطير..
لكنها الحقيقة التي جسدها العسكر على أرض الواقع في شوارع مصر، الجرحى لم تراعى حقوقهم العادية في أبسط العلاجات التي كانوا يتلقونها على حدتها في المستشفيات الميدانية وقتلوا في تلك المشافي وأحرقوا في مشهد لم تفعله إسرائيل وجيشها المعروف عنه وحشيته القبيحة، لكن الإنقلابيون في مصر زادوا على إسرائيل إرهابا ووحشية فاقت التوقعات، فإسرائيل قتلت في 33 يوم ما يقارب 1400 شهيد بينما السفاح السيسي استباح كل شيء وقتل بسويعات معددوه 3000 شهيد و10000 جريح والآلاف من المعتقلين، بل إن إسرائيل لم تقصف أو تستهدف أي مستشفيات وجرحى وكانت في حربها أكثر رجولة من جنرالات الدماء في مصر..
ذاك الأربعاء قاسٍ وقاسٍ جدا ولا يمكن أن تعطيه الكلمات عشر معشار ما يمكن أن يوصف به، يوم لعن الله فيه القتلة ومن ساندهم ودعمهم وأعانهم وعلى من لم ينكر ذلك القتل، والأسوأ أن ذلك القتل برصاص بني جلدتهم ومن أموال الشعب وظلم ذوي القربى أشد مضاضة، سيقف الجميع شاردا وعاجزا وأبلها عن وصف وإدراك ما جرى يوم الأربعاء الأسود حينما تعود به الذاكرة للقتل البشع والوحشي لمتظاهرين عزل وحينما يشاهد مقاطع الفيديو من جديد لن يستطيع تصور تلك اللحظات التي أظن أنها لن تتكرر مستقبلاً حتى في تحرير القدس.
يحتار المرء حينما يجد التبرير للقتل والقنص من قبل أحزاب وشخصيات كانت تناضل كما تقول لعقود من أجل الحرية والكرامة والإنسان وتحتار أكثر حينما يقول أحدهم مؤامرة لتدمير الجيش المصري من قبل الإخوان أو أن الإخوان وأنصارهم يستاهلوا ويردد جمل وعبارات قمئية في صورة مؤلمة تجعلك تتساءل أين إنسانية هؤلاء وضمائرهم التي تبريء القتلة وتتمادى من التشفي بالقتل والتمادي في ذلك؟..
القاتل يا هؤلاء قرر أن يكون قاتل وحسبه أن يعيش بنفس القاتل وجزاءه في الدنيا والآخرة, أما أن تناصر وتدافع وتبرر أكثر من القتلة والمجرمين فتلك طامة كبرى توحي بانحدار قيمي وأخلاقي غير مسبوق ، آه والف مما جرى ويجري ولا أحد يتحرك بحجم الكارثة والمأساة فصور لا يمكن أن تصدقها تأتيك من مصر أم الدنيا وليس من بورما ، الدماء تخنق قاهرة المعز وكل مدن مصر في مشهد الهولوكوست ولم يبدُ أي أفق لتوقف آلة الذبح والجزار الذي استهان واستهتر بكل الأرواح، أخدود الأربعاء يبدو أنه لم يكتف القتلة والمجرمون من وجبتهم الوحشية بل يظهر أن شهيتم للقتل لا زالت قائمة وقاتمة.
الشهداء ارتقت أرواحهم إلى الله لتهنأ بما عند الله فلا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات, بل أحياء عند ربهم يرزقون، لكنهم تركوا للقتلة ألما بليغا لن يستطيعوا تذوق الحياة معه بل سيظل العار والعلقم يلاحقهم أبد الآبدين ، شباب وشابات وأطفال ونساء وكبار في السن نذروا أرواحهم فداء للوطن والحرية بشجاعة وعز ورفعة لم يبالوا بالموت وقساوة القتل ووحشيته, بل استهزأوا بالقتلة في مشهد سريالي لم ولن أستطيع تخيله, واجهوا بصدورهم العارية الدبابات والطيران والقناصة والحرق والجرافات والبلاطجة..
مشهد أسطوري خالد أن يقدموا أرواحهم كبيرة وكبيرة من أجل مبدأ أخلاقي وقيمي وبعد كل تلك الجرائم يقول السفاحون بأنهم يحابون الإرهاب والواقع يقول بأنهم المادة الخام التي تصدر منه الإرهاب، رحمة الله علي كل شهداء الحرية والخزي والعار واللعنة الأبدية للقتلة ومن ناصرهم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد