لست أعرف معنى لمن يجد جثثاً ودماءً تسفك وإرهاباً يهدد حياة وطن ونحيباً وعويلاً وألماً بفعل عمل إرهابي قبيح, ومع كل ذلك يذهب للسخرية ومحاولة النيل من خصم سياسي على حساب صاحب الحظوة عنده.. ولست أجد أخلاقاً قميئة وتخلٍ عن الإنسانية كهذا الصنف من البشر الذين خلت من قلوبهم الرحمة, وحتى أبسط تعاطف مع الضحايا وذويهم, ويجدون من الإرهاب مجالاً لنكش الجروح وتوسيع دائرتها, ويتخذون من الكذب والتضليل عملاً همجياً بامتياز.. ومن يقف على كتابات البعض ممن لا ينتمون للبشر ولا علاقة لهم بالأخلاق، يدرك حقيقة أنه أمام قوى تكيد للوطن وتتخذ منه مجالاً للتعبير عن نزوعها الدموي المخيف وتبحث عن فرصة سانحة للنيل من الآخر الذي لا علاقة له مطلقاً بعمل قبيح.
والواقع أن تفشي ظاهرة التشفي والضحك, بل والرقص على أشلاء الجثث، صار أسلوب القوى التي نذرت نفسها للشيطان ولا تقل في بشاعتها عن الحادث الإرهابي، إن لم تكن قد فاقته في مواطن, حين نقرأ الكتابات المعبرة عن الغل وشراسة العداء للآخر.. ولعل (الفيس بوك) وهو يقدم الكثير من النماذج على هذه الشاكلة يجعلنا نرى مدى تعثر الأخلاق عند هذه النفوس المأزومة التي تسعى للربح والتقرب من أكابرها على حساب أنفس وأخلاق وقيم ووطن وعقيدة, وهو أمر بالغ السوء.. ذلك أن ثلة المنتفعين لم يعد يربطهم بالأخلاق أي علاقة إن لم يكن قد وصلوا إلى مستوى أعماق الكراهية.
والأغرب أن تجد أيضاً من يقف على هذه النماذج السيئة بالإعجاب والتقدير لطرحها أو تعليقها إن لم يكن مساهماً بشيء من الخبث والوقيعة عياناً بياناً..
وهنا فقط نستطيع أن نقف على الواقع المؤلم الذي يعيشه هؤلاء من أصحاب الكيد والدسيسة, ممن هم جاهزون وتحت الطلب في أي عمل إرهابي يتم ليلصقوه بمن يرغبون في النيل منه ويضعونه في اتجاه من يحرف الحقيقة ويقدم نفسه شاهد زور ويعمل على خداع الر أي العام عبر لغة مستهترة، إما مازحة ،أو متشفية ومتهكمة، أو إنها تصل في مستويات التلاقي إلى الجدية ووضع علامة تعجب على جماعة أو فرد نراهم نحن أتقياء أنقياء فعلاً.. ولكن الخصومة السياسية مع الآخر والمواقف الرافضة للخنوع والاستسلام والانصهار في بوتقة نظام تهاوى أو تبقى منه تجعل من كتبة حاقدين مأجورين يعتنقون الوشاية والأراجيف لبث سموم حقدهم وكراهيتهم ضد كل ما هو معبر عن حرية وإرادة وطن.. وبغض النظر عن جاهزية بعض الأقلام الصدئة في تناولاتها أي عمل إرهابي يقع بطريقة لاأخلاقية وبنوع من الإسراف في تشويه الحقائق والمغالطات التي تخترع تصنيفاً للإرهابين كما تهوى.. بغض النظر عن ذلك فإن رعونة هذه الأقلام المدمرة، هي إرهاب يمس الوطن بضر ويخلق عداء يزداد ضراوة وربما يوقع الوطن في تداعيات مؤلمة لا ينجو منها أحد.. ومالم تكف هذه الأقلام المبتذلة في تشفيها حال أي جريمة نكراء تقع بفعل عمل إرهابي وتمارس على نفسها قواعد ضبط أخلاقية, مهما كانت المغريات والكسب الغير الشريف، فإنها تكون أحد عوامل ازدياد الإرهاب وتناميه وجزءاً فاعلاً من الدمار الذي نراه اليوم يتنامى بطريقة تدفع الوطن إلى معاناة حقيقية على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وحينها تكون في دائرة الجريمة بمعنى من المعاني، أكانت جريمة أخلاقية معنوية تقترفها، أو نوع من المغالطة وتزوير الحقيقة وحجب الفاعل الحقيقي في العمل الإرهابي الجبان..
وهنا تقع مهمة الأجهزة القضائية والأمنية في ضبط هذه السلوكيات المسيئة إلى الإنسان اليمني في التعامل الحازم ضد كل من يعمل على تناول الخطر الإرهابي الماحق بسخف وبرغبة في النيل من الآخر البريء، بردع قانوني يوقف مهازل من لا يرقبون في الوطن إلاً ولا ذمة، ويتدافعون بشراهة غير معقولة لإرضاء من يقف خلف هذه الكتابات، سيما وأن ذات الوجوه والسحنات والأخلاقيات الفاترة، هي نفسها التي نعهدها من الأشخاص المكلفين بمهام في هذا الاتجاه، وهم من نعهدهم عند كل عمل إرهابي، وهم من يتوزعون هنا وهناك وكل يشيد ويدعم الآخر في كذبه وتلفيقاته واستهتاره بالدم والقتل ويضيف ما شاء له بأجر اعتاده ووظيفة أجزم أنها قذرة لكونها تتطفل على ما ليس من اختصاصها، ولم تترك للأجهزة الأمنية ولا القضاء الكشف عن الإرهابي الحقيقي.. هي إذاً صنيعة من يعملون على تصفية خصومهم بطريقة الكيد والحقد وبنوع من الإيقاع بالوطن كله في سبيل إرضاء من يمنحهم القليل من الفتات..
وأجزم هنا أن الحملات التي نراها بعد كل حادث إرهابي, ومن ذات الشخوص وبتنسيق موحد, لا ينم عن عفوية ومواقف ذاتية قدر ماهي حملات منظمة مع سبق الإصرار والترصد، وإلا ما معنى ذات الأسماء هي التي تتصدر الكذب والتزوير في كل جريمة إرهاب تقع؟.. لقد بات ضرورياً لجم هذه الأقلام الصدئة ووضع حد لها في التطاول على الآخرين من خلال القانون، وهو يجرم كل ما هو تلفيق وتزوير.. فهل نجد في القادم رادعاً لقوى البغي ليتبين الخيط الأبيض من الأسود ونعرف من هو الإرهابي بالضبط؟.. ذلك ما نرجوه.
محمد اللوزي
قوى تكيد للوطن 1807