;
محمود الحمزي
محمود الحمزي

ما قبل ثورة يناير 1339

2013-08-27 17:45:28


المتابع البسيط للأحداث الجارية في مصر بإيقاعاتها السريعة والمتلاحقة يدرك حقيقة الانقلاب العسكري وعودة الأيام بكل ما فيها إلى ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م، فالمشهد واضح وضوح الشمس في رابعة النهار حينما تجد أهداف ثورة يناير تتبخر يوماً تلو الآخر وكأنك يا بو زيد ما غزيت، قمع وقتل وتخوين للمعارضين وسجون بمصراعيها ومصادرة وسائل الإعلام المعارضة وقتل واستهداف ممنهج للإعلاميين، فأين الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي علت سماء ميدان التحرير وشوارع القاهرة والاتحادية والإسكندرية والمنيا وأسيوط وبقية المدن المصرية؟.
صحيح أن إيقاعات الأحداث سريعة جداً ولا يمكن تصور المشهد المزلزل حالياً، لكنه الواقع وكما يقال الواقع ناقع، فمن كان يصدق بأن أكثر من 5000 شهيد سقطوا حتى اللحظة وأضعافهم جرحى ومعتقلون، ولازال شلال الدم يتدفق دونما أفق يلوح لوضع حد لنهايته، ثورة الخامس والعشرين كانت ملهمة للأمة أكثر من الهام ثورة الياسمين في تونس رغم أهميتها وسبقها لثورة مصر، كانت إيقاعات الثورة المصرية محل اهتمام كل العرب وجميع بلدان العالم وظلت الأنظار شاخصة صوب ميدان التحرير عن نهاية المشهد والذي عبرت عنه أحد نساء الثورة المصرية بعبارتها الشهيرة (ما فيش خوف تااااني), لكن ما يظهر ويبدو للجميع بأن الخوف عاد بأكبر مما كان ولم يعد الخوف على بعض شباب مصر أو ثورة الخامس والعشرين من يناير، بل صار الخوف كل الخوف على مصر برمتها من نفق مظلم وضعة أولى عتباتها جنرالات العسكر ورفاقهم في الثالث من يوليو الفائت ويبدو أن مصر بكل أطيافها في ورطة كبرى لا يعلم حجمها ومداها إلا الله.
ومع إيقاعات الأحداث الجارية والتي تشكل المشهد الجلي لما قبل ثورة يناير جاء الحدث الغير متوقع حتى ممن يؤيد العسكر وتسري فيه روح ثورة يناير، جاء الحدث الجديد بحكم محكمة الجنايات ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ليضع حداً فاصلاً لما يجري حالياً وليتأكد كل المصريين والعالم بأن ما جرى في الثالث من يوليو هو انقلاب عسكري لا لبس فيه، وبأن ما قبل ثورة المصريين على مبارك حاضر, فمبارك حر طليق وغداً سيخرج أبناؤه ورفاقه ويبدو أن الحزب الوطني سيعود من جديد بلباس آخر وبنفس المفسدين، وهاهم الكثير والكثير من قيادات الإخوان وممن يناصرهم لاستعادة الثورة المخطوفة..
وبمعنى أصح المسروقة ها هم في السجون والمعتقلات وبالضبط مرسي الرئيس المدني الأول في تاريخ مصر الحديث يقبع خلف القضبان وبتهم جنونية، ها هو شلال الدم بأبشع من موقعة الجمل وغيرها من حوادث القتل التي حدثت إبان ثورة يناير، وأعتقد بأن المواطن البسيط اليوم لا يحتاج لدهاقنة السياسة وتحليلاتهم فهو يفهم ويدرك الكثير مما يمكن أن يلتبس عليه ، فضلا على أن الحوادث الجارية لا لبس أو غموض فيها ، وثبت ويثبت يوميا بأن العسكر ودولتهم العميقة وسلطاتهم الخفية حبكت الدراما جيداً وعرفت كيف تتخلص من شخص مبارك والإبقاء على نظامه وتقديم الإخوان للحكم بصورة أقرب إلى المحرقة المعنوية والجسدية، وهم يدركون بأن السلطة بين أيديهم فلذا تجد وزير داخلية الانقلاب هو نفسه من كان في عهد مرسي والكثير من الرموز القيادية في الدولة هي وبقي مرسي يصارع ببطانته الدولة العميقة ورقد الثوار الحقيقيون في غفلة من أمرهم وأدار العسكر بمعية المال الخليجي والرضى الأمريكي الأوروبي حبكتهم في 30 يوليو ليوهموا الشعب بأنهم سيحمون إرادته والدم المصري وهم عملياً قد سحقوا إرادته الحرة واستباحوا دمه مهراقا دون خوف أو جلل من قادم الأيام ، ولن يهم الأمر بأن البرادعي خارج البلاد حالياً وفي ما قبل 25 يناير 2011م كان أيضا خارج البلاد وقانون الطوارئ والحاكم العسكري وغيرها من المشتركات بين ما بعد 3يوليو وما قبل 25 يناير فما هو أكثر أهمية أن أهداف ثورة يناير لم تتحقق منها أي شيء على الواقع رغم إدراكي بأن تحقيق الأهداف لا تكون في يوم وليلة أو عام أو عامين بل لسنوات لكن على الأقل يجب أن يتجه الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي صوب تحقيق الأهداف الثورية وذاك ما ليس منه الواقع في شيء.
 صحيح أن مصر بدأت خلال عامين مضت في أولى خطوات الديمقراطية وإن شابتها أخطاء, لكن تلك الخطوات تلاشت وتبخرت وبتنا أقرب إلى مشاهد الكاميرا الخفية ولا يمكن تكذيب إن قلنا بأن ثورة 25 يناير أكبر كاميرا خفية في ربيع شاء له شانئوه أن يؤل إلى هكذا وضع..
ومع ما جرى ويجري لا زال لدي أمل وثقة ويقين بأن دماء الأحرار التي سالت ومازالت ستنتصر وتستعيد عافيتها, لكن هذه العملية باهظة وكلفتها كبيرة, فالأهداف السامية تحتاج لتضحية كبيرة, وثقوا بأن الثورة الحقيقية للخامس والعشرين من يناير هي الآن تتجسد عملياً في أشهرها الأولى وسيكتب لها النصر مهما وقف الآخرون لها بالمرصاد.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد