ذاع اسم المنتدى القضائي هذه الأيام وانتشر واشتهر وتداولته وسائل الإعلام الرسمية والمحلية المرئية والمسموعة والمقروءة وأصبح حديث الناس ولكن اللافت للنظر هو المتابعة الجادة لوقائع المؤتمر اليومية من قبل عامة الشعب وبالأخص أصحاب القضايا بمختلف أنواعها حيث لاحظناهم يترقبون مجيء النشرات الإخبارية في القنوات الفضائية لمن كان يجلس جوار التلفزيون والنشرات الإذاعية المسموعة لمن كان في سفره أو مزرعته, هذا فضلاً عن مسارعة الكثير منهم صباحا وتوجههم نحو الأكشاك لشراء الصحف لمعرفة ما فيها حول مؤتمر القضاة الثالث وما دار في جلساته اليومية أو ورد في مقالات الكتاب حول ذلك في أيام انعقاد المؤتمر.
لقد ظلوا يتابعون بحذر ويترقبون بخوف كل ما يدور ويُطرح ويُناقش فترى على قسمات وجوههم البشر والفرحة والسرور عندما يسمعون المتحدثين بالمؤتمر سواء في الكلمات الملقاة أو في التقارير المتلوة أو في التوصيات التي أكدت على نجاح المؤتمر في كل ما طرح عليه في جدول أعماله من قبل اللجنة التحضيرية.
وقد لاحظ المتابعون في الشأن القضائي أن المتقاضين ظلوا يرقبون مرور الساعات والثواني التي تفصل بين نهاية المؤتمر وبين مباشرة القضاة لأعمالهم يوم الأحد /25/8/، حيث تفاءل 85% في نجاح المؤتمر وإصلاح القضاء وحياده واستقلاله قضائيا وماليا وإداريا كما تفاءلوا في تفعيل دور التفتيش القضائي المفاجئ واتخاذ إجراءاته السليمة الموافقة للقانون.. أما المتشائمون فهم نسبة قليلة جدا 15% رأوا انه ليس هناك من أمل في إصلاح القضاء وتحقيق العدل, مضيفين أن القضاة النزيهين قليلون والدولة لا تشجعهم ولا تكرمهم وعكسهم كثير ولا مسائلة لهم ولا حساب ولا عقاب وذلك هو الفساد بعينه.. لكن المتفائلين سرعان ما ردوا عليهم قائلين إننا اليوم أمام توجه جديد ودولة مدنية حديثة فالمؤتمر العام الثالث قد قضى على السلبيات التي كانت تلازم بعض القضاة وأعضاء النيابة ولن ترى مستقبلاً أحداً سيمد يده والأيام القادمة ستكون خير شاهد.
والحقيقة أني ومعي غيري من المتابعين أضم صوتي إلى الفريق الأول المتفائلين وذلك لعدة أسباب منها أن الكثير من القضاة نزيهين ولا يمدون أيديهم مطلقاً وطالما ونسبتهم عالية فالأمور إلى خير وسيكونون سبباً في إصلاح وهداية غيرهم ممن يسيئون إلى أنفسهم والى القضاء وكفتي ميزان العدالة عندهم غير متوازية بل مائلة.. أما السبب (الثاني) فان مشاركة جميع أعضاء السلطة القضائية في المؤتمر سيكون له دور إيجابي في الارتقاء بمستوى الجميع فبعض القضاة كانوا لا يشاركون في مؤتمرات ولا ندوات ولا حوارات وإنما من البيت إلى المحكمة وتفكيرهم كم سيربحون..
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن النسبة القليلة التي ذكرها المتشائمون سيمتد إليهم الصلاح والاستقامة والنزاهة وتتحقق العدالة من خلال اختلاطهم مع زملائهم النزيهين أصحاب النسبة العالية الحاضرين معهم في المؤتمر, أضف إلى ذلك أن غير النزيهين يتألمون على أنفسهم من وضعهم الاجتماعي السيئ الذي يعيشونه ليس من حيث الغنى والفقر فهم أغنياء ولكن من حيث ازدراء المجتمع منهم ودعاء الضعفاء عليهم فيحاولون الارتقاء بأنفسهم إلى مرتبة زملائهم الشرفاء الذين يحضون باحترام الجميع الخاص والعام فجميع أفراد المجتمع يجلونهم ويقدرونهم لأن العدالة تتحقق على أيديهم والنزاهة من سماتهم، حيث لا فرق عندهم بين المتقاضين من حيث المراكز الاجتماعية والغنى والفقر والتعليم وغير ذلك.
إذن فالمؤتمر العام سيحقق آمال وطموح الشعب في وجود قضاء نزيه عادل مستقل ووجود قضاة لا يخافون إلا الله ولا يطبقون غير الشرع والقانون.. قال تعالى (يا دواد إنا جعلناك خليفة في الأرض), وقال رسول الله صلى الله وعليه وسلم (إن الله مع القاضي مالم يجر).
أحمد محمد نعمان
نادي القضاة.. آمال وطموح 1356