في الديمقراطية الزائفة كالتي نعيشها في البلدان العربية يتم التصويت وفقاً لنظام القطيع وليس وفقاً لنظام المواطنة والحزبية الناضجة.. إنهم ينقلون في باصات وشاحنات ليصوتوا في مراكز اقتراع أقل ما يقال عنها بأنها مسالخ تذبح وتشوه فيها قيم وأخلاق الديمقراطية تماماً, كما تحمل وتشحن الأغنام بلا إرادة لتذبح في مسالخ تنتج موتاً بدلاً من الحياة..
ربما كان ما ذكرت محاكاة لما قاله قال أحد السياسيين العرب.. في كل موسم ديمقراطي عربي يكتشف الناخبون أنهم كانوا يمارسون اقتراعاً ولا يمارسون ديمقراطية, وفي أحسن الأحوال يندفع الناخبون للتصويت لابن قبيلتهم وابن مدينتهم وقريتهم وفقاً لمبدأ العرف الموروث..
تبدو المقرات الانتخابية في الوطن العربي مطاعم سياسية ينتظر فيها الناخبون الطعام والهدايا أكثر من انتظارهم لبرامج المرشحين الذين تعلو أصواتهم في المقرات يحرضون ويستنزفون كل مكنونات التخلف والبدائية كالقبلية والطائفية والتهديد والابتزاز والتشهير والتخوين والتكفير, فالديمقراطية عندهم لا تعدو عن كونها صندوق اقتراع يمرون عبره لمنصب يغتصبون من خلاله الوطن وهم بذلك يلخصون الواقع المرير للحياة السياسية في العالم العربي, فكل المرشحين وأحزابهم الوهمية لا يرون الصندوق إلا وسيلة لشرعنة الاستحواذ على الوطن.
إن مستلزمات الديمقراطية لا تنحصر في صندوق الاقتراع, فعملية التصويت بحد ذاتها سلوك قد يمارسه المستبدون والتقليديون والمتعصبون والظلاميون والجاهلون والهدامون الانتهازيون والكاذبون, جنباً إلى جنب مع الوطنيين والديمقراطيين والكفاءات.
لم ندرك بعد أن المدنية والديمقراطية تتجاوز الصندوق لتصل إلى المناهج التعليمية ووسائل الإعلام والخطب والمواعظ في دور العبادة وآليات التربية في البيوت وفقاً لسياسات تنبع من استراتيجيات عبر سنوات عديدة وحتى ذلك الحين يبقى العرب على قارعة الطريق تتجاوزهم الشعوب الديمقراطية سياسياً واقتصادياً وثقافياً وحتى رياضياً منذ عشرات السنين.
ولعله نتيجة مجتمعات يحكمها مزيج من التخلف والبدائية والعصبية في دول تدعي ممارسة الديمقراطية يمكن أن يطلق على هذه المجتمعات العربية "المجتمعات الكافرة بالديمقراطية".
إيمان سهيل
شرعنة الاستحواذ على الوطن 1366