إن أهم عاملين لهما تأثير بالغ على خلق التمايز الاجتماعي بين منتسبي كلية الحقوق في تعز, هما:
أ) العامل السياسي الذي كان يمثل سبباً رئيساً لنشأة هذه الكلية وقد تبادل على قيادتها ثلاثة أجنحة رئيسية في حزب المؤتمر الشعبي العام حتى الآن, هم الإصلاح من ناحية, والناصريون والاشتراكيون من ناحية أخرى.
ب) العامل الأمني الذي نشأ في هذه الكلية نتيجة السماح لعدد من أفراد الأمن والشرطة والجيش بالانضمام إلى الهيئة التدريسية بالكلية في العام 2000.. وقد كانت هناك عدد من العوامل المساعدة على ذلك منها على سبيل المثال:
- توجه الحزب الحاكم إلى السيطرة على مقاليد الحكم بعد التغلب على شركائه في صناعة الوحدة اليمنية.
- تشجيع هذه الكفاءات الأمنية على الانضمام إلي الكلية, وقد يكون ذلك لأحد سببين هما:
الأول: إبعادهم عن المناصب الأمنية والعسكرية.
الثاني: حرص الحزب الحاكم في تلك الفترة على تشجيع هذه الكفاءات على الانضمام إلى هذه المرافق من أجل السيطرة عليها وحمايتها.
الثالث: شعور الكفاءات الأمنية والعسكرية التي كانت فاعلة ومؤثرة في مجالها بالتغييرات العالمية والمحلية الديمقراطية والمتعلقة بحقوق الإنسان, وبالتالي سعت جاهدة إلى البحث عن مجال آخر لها يناسب التطورات الحديثة ولو اضطرها ذلك إلى إعادة دراسة ليسانس الحقوق من جديد.
إن هذه العوامل كانت كلها مجتمعة سبباً في تحقيق تمايز اجتماعي بين منتسبي هذه الكلية, سواء في هيئتها التدريسية أو على مستوى طلابها, وفق التدرج الآتي:
- العسكريون والأمنيون من الهيئة التدريسية أو الطلاب.
- أعضاء حزب المؤتمر الفاعلين.
- أعضاء جناح الإصلاح في المؤتمر من الهيئة التدريسية وطلابه.
- المنتمون للمؤتمر شكلياً بالبطاقة.
وبالتالي هناك طبقتان اجتماعيتان تكونتا خلال الفترة منذ العام 1997 وحتى اليوم, يمكننا تحديدهما بدقة على الوجه الآتي:
- العسكريون والأمنيون والفاعلون في المؤتمر.
- غيرهم ممن لا علاقة لهم بالأمن والحزب ولا سلطات لهم على ميزانية الكلية.
ويمكننا تحديد أسباب ثراء الطبقة الأولى في الآتي:
أ) الازدواج الوظيفي.
ب) خدمة أحد الحزبين المتصارعين وتنفيذ سياسته في إدارة الكلية.
ت) البعض منهم ينتمي إلى أصول اجتماعية ثرية أو تركيبة اجتماعية قبلية مسيطرة على مقاليد الحكم, ولا يقتصر تأثيره على مستوى الكلية, بل يصل إلى التأثير على رئيس الجامعة والسياسة الأكاديمية لها.
كما يمكننا تحديد أسباب تدني الوضع الاقتصادي للطبقة الوسطى من منتسبي الكلية بالاتي:
أ) قد يرجع ذلك إلى عدم انتمائهم إلى حزب أو جهات أمنية خارج الجامعة.
ب) تخلف الهيكل الإداري للجامعة والذي سبق وأن حددنا عناصر تخلفه في إطار دراسة أكاديمية بالمناطقية والفساد والحزبية.
ت) سيطرة العامل السياسي والأمني على إدارة الكلية وإغفال القانون.
ث) الأزمة الاقتصادية التي بدأت العام 2009.
ج) سياسة حزب المؤتمر الشعبي العام في شغل الهيكل الإداري للمرافق العامة بإفراد تحقق سياسة الحزب أو تحقق مصالح شخصية لبعض المنتمين له حتى, ولو كانوا لا يتميزون بالكفاءة والنزاهة والمهارات الإدارية, وقد كان لهذا العامل الخطير آثار فاعلة على المبادئ الدستورية العليا والتي من أهمها الحرية الأكاديمية والعدالة الاجتماعية في توزيع السلطة والثروة.
إن لهذا التمايز آثاراً خطيرة من أهمها:
أ) اتساع الفجوة بين الطبقتين وعدم إمكانية تحقيق التعاون والمشاركة العادلة في ممارسة النشاط الإداري للكلية.
ب ) سيطرة أحد الأحزاب والمواليين له من الأمنيين طالما وهم يقودون الكلية على حساب حقوق وحريات الآخرين.
ح) سيطرة الأسلوب الأمني على سياسة الكلية وتباهي البعض منهم بهذا الأسلوب والبدء بممارسة مهارات أمنية على زملائهم أو اشتراط أمور لا علاقة لها بالجانب الأكاديمي على شغل منصب أكاديمي بالكلية.
خ) حرمان المنتمين للطبقة الوسطى من كافة حقوقهم وحرياتهم الأكاديمية لفترات طويلة واقتصار الصراع على القيادات الأمنية والحزبية بالكلية.
د) التأثير على رئيس الجامعة وأسلوب إدارته للجامعة والتباهي على الدوام أنهم هم أصحاب الفضل في وصوله إلي منصبه والتدخل المستمر في تسير نشاط الجامعة واختيار القيادات الأكاديمية فيها.
ذ) الظهور بمظهر الحامي لأعضاء أحد الأحزاب المتصارعة على قيادة الكلية والتعاون معهم في ممارسة الأسلوب السياسي في إدارة نشاط الكلية بما يترتب على ذلك من انتفاء الاستقلالية التي يجب أن يتميز بها رجل الأمن بعيداً عن الانتماء الحزبي.
ر) ممارسة الأسلوب الأمني في إدارة الكلية أو مساعدة طرف من أطراف الصراع الحزبي على قيادة الكلية والعمل على إزاحة الطرف الآخر من المناصب الأكاديمية من خلال تقديم العون الأمني والاستعانة بالخبرات الأمنية لهذا الطرف والإشراف عليها حتى يتم إسقاط قيادة الكلية السابقة.
وكما هو حال أعضاء هيئة التدريس نجد حال طلاب الكلية الذين منهم الأمنيون والحزبيون وآخرون من الطبقة الوسطى يكدحون من أجل لقمة العيش.. وقد كان هذا الأمر عاملاً مؤثراً في الاضطرابات التي حدثت خلال العامين الماضيين والانقسامات التي شهدها الوسط الطلابي خلال هذه الفترة من تاريخ الكلية.
د. ضياء العبسي
التمايز الاجتماعي بين منتسبي كلية الحقوق تعز 2130