تقف امتنا العربية اليوم على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة.. بعدما شهدت بعض الدول ثورات شعبية أسقطت أربعة أنظمة ديكتاتورية.. إضافة إلى ما تشهده سوريا الحبيبة اليوم من عمليات كر وفر سعياً في الوصول إلى تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة الشعبية هناك.. والمتمثلة في إسقاط نظام الأسد القمعي، وإقامة نظام تعددي ديمقراطي.. حيث ذهبت في سبيل تلك الأهداف النبيلة الآلاف من الجماجم والرؤوس البريئة، وما زال الدم السوري ينزف حتى اللحظة.
والحاصل انه ووسط انشغال كل دولة بأمورها الداخلية سواءً تلك التي شهدت ثورات الربيع العربي أو تلك التي تشهد حركات مطلبية حقوقية بين الفينة والأخرى.. ووسط هذا الزحام نجد أعداء الأمة الحقيقين يكشرون بأنيابهم، ويشحذون من هممهم من أجل مد سيطرتهم وتوسع رقعة نفوذهم داخل الدول العربية.. مستغلين الأحداث الداخلية، والفجوة التي حدثت بسبب قلب موازين القوى، وتفكك التحالفات، والتكتلات التي صمدت لسنوات طويلة بفضل أنظمة خائنة وعميلة..
والشاهد الواقعي يقول إن العرب يواجهون أكثر من عدو حقيقي، لكن عدوهم اللدود والأبدي لا شك هو ( الكيان الصهيوني) ،الذي حظي على مدى سنوات بدعم وتدليل بعض الزعامات في المنطقة، كـ (حسني مبارك) الذي ظل لسنوات الصديق الوفي للعدو الصهيوني.
وعلى الرغم من ذلك فإن لبعض دول الجوار العربي طموحاتها ومشاريعها التوسعية، لعل أهمها -ايضاً- الطموحات الإيرانية ذات الطابع ( الطائفي) المقيت، التي تسعى من خلاله فرض الوصاية والهيمنة على الدول العربية لاسيما الدول الخليجية . وهنا يمكننا التمييز بين ثلاثة أعداء حقيقين للأمة العربية :
الأول: العدو الإسرائيلي الغاصب.. الذي اغتصب أجزاء مهمة من ارض الأمة، وسيطر بالقوة على أراض ومساحات شاسعة من الدول العربية مثلما هو حاصل في فلسطين ومرتفعات الجولان السورية.
الثاني: العدو الفارسي الطامح.. والذي نجح في العزف على وتر الطائفية من خلال دعم وتشجيع حركات التمرد الشيعية في العديد من الدول العربية، وقدم نفسه على انه الحاضن لتلك الحركات والجماعات، ويتباكى عليها ليل نهار..
الثالث: العدو الأمريكي الغربي الحالم.. من خلال فرض الهيمنة السياسية، والحصارات الاقتصادية، والقيود الأمنية، على عدد من الدول العربية، وقد استفاد في حروبه من خلال مكافحة ما يسمى بالإرهاب الذي شجعه كثيراً وفتح المجال أمامه للتدخل المباشر وغير المباشر بشئون العديد من الدول ، بل واستخدم الأجواء الجوية لضرب أهداف داخلية بطائراته الحربية.
لقد نجح أعداء الأمة في تمرير مشاريعهم التوسعية عبر عملائهم في الداخل، تحت عدة ذرائع ومسميات لاشك أن الجميع يعرف حجم الخطر المحدق بالوطن العربي، والصراع القائم منذ القدم، وما زال أعداؤنا يتربصون بنا، ويكنون لنا الحقد والعداء، وسيستمرون في ذلك، كون الصراع بين الحق الباطل باقياً الى قيام الساعة.
والحاصل أن اليهود الصهاينة وأنصارهم من الأمريكان والغرب يسعون إلى إضعاف الأمة العربية، وتمزيق وحدتها الوطنية والقومية، وذلك من خلال تعمد إبقاء الدول العربية في صراع مع بعضها البعض، مما يسهل لهم عملية التدخل والهيمنة، كذلك من خلال حرمان الدول العربية من امتلاك أسلحة متطورة وقوية حتى يتسنى لهم القضاء على أي دولة لا تخضع لسياساتهم وإملاءاتهم بسهولة، وبالفعل نجح أعداء الأمة بتنفيذ أجندتهم ومشاريعهم التخريبية في عدد من الدول أهمها السودان، حيث قسموها إلى دولتين دولة في الشمال ضعيفة متصارعة، ودولة في الجنوب موالية.. كما نجح الأعداء في العراق وبمساعدة حلفائهم من الشيعة الرافضة، واسقطوا نظام صدام حسين الذي كان بمثابة حجر عثرة أمام المشروع الإيراني الشيعي الطائفي ، ورأينا كيف أصبح للشيعة صوت في العراق بل وباتوا يتصدرون المشهد السياسي هناك بعدما كانوا عبارة عن أقلية لا قيمة لها إبان حكم الراحل صدام حسين، وهو ما تؤكده الخطة الخمسينية لنشر التشيع في المنطقة والتي من ضمن أجندتها و أهدافها القضاء على نظام صدام حسين لما كان يشكل من عقبة أمامهم وقد تسنى لهم ذلك و أسقطوه.
ورغم الخلاف الصوري بين إيران وأمريكا والغرب والكيان الصيهوني إلا أنهم في حقيقة الأمر متفقون على تدمير الأمة العربية.. وما نشاهده من تراشقات وحروب إعلامية باردة بين الغرب وإسرائيل وإيران ما هو في الحقيقة إلا صراع من اجل الهيمنة على المنطقة العربية، ونهب خيراتها وثرواتها.. فإيران الفارسية التي شجعت ودعمت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العام 2003م ترفض اليوم أي تدخل عسكري في سوريا.. ليس خوفاً على الشعب السوري، ولا على مصالحه، وإنما دفاعاً عن الأسد الذي يعتبر من ابرز حلفائها في المنطقة.. اذن فالعملية واضحة فعندما يتعلق الأمر بمصالح إيران فإن ذلك يعني تدخلاً سافراً، ومؤامرة يجب التصدي لها، وإذا كان ينسجم ومصالحها فواجب ومشروع..
إن المطامع الإيرانية الغربية الصهيو أمريكية في المنطقة قد تعدت فكرة الهيمنة أو القيادة والتحكم لتصل إلى العمل الدؤوب على تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة.. فإيران نجحت في لبنان من خلال زرع ذراع لها ( حزب الله)، الذي دعمته و زودته بالمال والسلاح حتى أصبح يسيطر على جنوب لبنان ويتحكم بمصير الناس هناك، و يتصرف وكأنه دولة مستقلة تماماً، فهو من يصرف الرواتب ويسير شئون المدارس والمستشفيات ووو.. تسعى إلى إيجاد قدم لها في باقي الدول العربية.. في المقابل هناك مطامع صهيونية بتقسيم الدول العربية وزرع دويلات داخل الدول الرئيسية.. ولكن بفضل الله ستتصدى القوى الحية في الوطن العربي لكل المخططات التخريبية والمشاريع التفتيتية البغيضة..
موسى العيزقي
حتى لا ننسى عدونا الحقيقي.. 1501